معكم قبلي. وقوله: فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى، وفي هذا الكلام متروك، وهو: فألقوا ما معهم من الحبال والعصي، فإذا حبالهم، ترك ذكره استغناء بدلالة الكلام الذي ذكر عليه عنه. وذكر أن السحرة سحروا عين موسى وأعين الناس قبل أن يلقوا حبالهم وعصيهم، فخيل حينئذ إلى موسى أنها تسعى، كما:
18259 - حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: حدثت عن وهب بن منبه، قال: قالوا يا موسى، إما أن تلقي وإما أن نكون أول من ألقى قال بل ألقوا فكان أول ما اختطفوا بسحرهم بصر موسى وبصر فرعون، ثم أبصار الناس بعد، ثم ألقى كل رجل منهم ما في يده من العصي والحبال، فإذا هي حياة كأمثال الحبال، قد ملأت الوادي يركب بعضها بعضا.
واختلفت القراءة في قراءة قوله: يخيل إليه فقرأ ذلك عامة قراء الأمصار يخيل إليه بالياء بمعنى: يخيل إليهم سعيها. وإذا قرئ ذلك كذلك، كانت أن في موضع رفع. وروي عن الحسن البصري أنه كان يقرؤه: تخيل بالتاء، بمعنى: تخيل حبالهم وعصيهم بأنها تسعى. ومن قرأ ذلك كذلك، كانت أن في موضع نصب لتعلق تخيل بها.
وقد ذكر عن بعضهم أنه كان يقرؤه: تخيل إليه بمعنى: تتخيل إليه. وإذا قرئ ذلك كذلك أيضا ف أن في موضع نصب بمعنى: تتخيل بالسعي لهم.
والقراءة التي لا يجوز عندي في ذلك غيرها يخيل بالياء، لاجماع الحجة من القراء عليه. القول في تأويل قوله تعالى: * (فأوجس في نفسه خيفة موسى قلنا لا تخف إنك أنت الأعلى وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى) *.
يعني تعالى ذكره بقوله: فأوجس في نفسه خوفا موسى فوجده. وقوله: قلنا لا تخف إنك أنت الأعلى يقول تعالى ذكره: قلنا لموسى إذ أوجس في نفسه خيفة: لا تخف إنك أنت الأعلى على هؤلاء السحرة، وعلى فرعون وجنده، والقاهر لهم وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا يقول: وألق عصاك تبتلع حبالهم وعصيهم التي سحروها حتى خيل إليك أنها تسعى.