وقال آخرون: معنى لعل ههنا كي. ووجهوا معنى الكلام إلى اذهبا إلى فرعون إنه طغى فادعواه وعظاه ليتذكر أو يخشى، كما يقول القائل: اعمل عملك لعلك تأخذ أجرك، بمعنى: لتأخذ أجرك، وافرغ من عملك لعلنا نتغدى، بمعنى: لنتغدى، أو حتى نتغدى، ولكلا هذين القولين وجه حسن، ومذهب صحيح.
وقوله: قالا ربنا إننا نخاف أن يفرط علينا يقول تعالى ذكره: قال موسى وهارون:
ربنا إننا نخاف فرعون إن نحن دعوناه إلى ما أمرتنا أن ندعوه إليه، أن يعجل علينا بالعقوبة وهو من قولهم: فرط مني إلى فلان أمر: إذا سبق منه ذلك إليه، ومنه: فارط القوم، وهو المتعجل المتقدم أمامهم إلى الماء أو المنزل كما قال الراجز:
قد فرط العلج علينا وعجل وأما الافراط: فهو الاسراف والاشطاط والتعدي. يقال منه: أفرطت في قولك: إذا أسرف فيه وتعدى. وأما التفريط: فإنه التواني. يقال منه: فرطت في هذا الامر حتى فات:
إذا توانى فيه. وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
17208 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد أن يفرط علينا قال: عقوبة منه.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.
18209 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:
إننا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى قال: نخاف أن يعجل علينا إذ نبلغه كلامك أو أمرك، يفرط ويعجل. وقرأ لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى. القول في تأويل قوله تعالى: * (قال لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى فأتياه فقولا إنا رسولا ربك فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم قد جئناك بآية من ربك والسلام على من اتبع الهدى) *.