وقوله: وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري: يقول: وإن ربكم الرحمن الذي يعم جميع الخلق نعمه، فاتبعوني على ما آمركم به من عبادة الله، وترك عبادة العجل، وأطيعوا أمري فيما آمركم به من طاعة الله، وإخلاص العبادة له. وقوله: قالوا لن نبرح عليه عاكفين يقول: قال عبدة العجل من قوم موسى: لن نزال على العجل مقيمين نعبده، حتى يرجع إلينا موسى. القول في تأويل قوله تعالى: * (قال يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ألا تتبعن أفعصيت أمري قال يا بن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي) *.
يقول تعالى ذكره: قال موسى لأخيه هارون لما فرغ من خطاب قومه ومراجعته إياهم على ما كان من خطأ فعلهم: يا هارون أي شئ منعك إذ رأيتهم ضلوا عن دينهم، فكفروا بالله وعبدوا العجل أن لا تتبعني.
واختلف أهل التأويل في المعنى الذي عذل موسى عليه أخاه من تركه اتباعه، فقال بعضهم: عذله على تركه السير بمن أطاعه في أثره على ما كان عهد إليه. ذكر من قال ذلك:
18319 - حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن حكيم بن جبير، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: لما قال القوم: لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى أقام هارون فيمن تبعه من المسلمين ممن لم يفتتن، وأقام من يعبد العجل على عبادة العجل، وتخوف هارون إن سار بمن معه من المسلمين أن يقول له موسى: فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي وكان له هائبا مطيعا.
18320 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:
ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ألا تتبعن قال: تدعهم.
وقال آخرون: بل عذله على تركه أن يصلح ما كان من فساد القوم. ذكر من قال ذلك:
18321 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قوله: ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ألا تتبعن قال: أمر موسى هارون أن يصلح، ولا يتبع