ذكرى للعالمين. وقوله من أعرض عنه يقول تعالى ذكره: من ولى عنه فأدبر فلم يصدق به ولم يقر، فإنه يحمل يوم القيامة وزرا يقول: فإنه يأتي ربه يوم القيامة يحمل حملا ثقيلا، وذلك الاثم العظيم، كما:
18347 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله:
يوم القيامة وزرا قال: إثما.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج. عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله. القول في تأويل قوله تعالى: * (خالدين فيه وساء لهم يوم القيامة حملا يوم ينفخ في الصور ونحشر المجرمين يومئذ زرقا يتخافتون بينهم إن لبثتم إلا عشرا) *.
يقول تعالى ذكره: خالدين في وزرهم، فأخرج الخبر جل ثناؤه عن هؤلاء المعرضين عن ذكره في الدنيا أنهم خالدون في أوزارهم، والمعنى: أنهم خالدون في النار بأوزارهم، ولكن لما كان معلوما المراد من الكلام اكتفي بما ذكر عما لم يذكر.
وقوله: وساء لهم يوم القيامة حملا يقول تعالى ذكره: وساء ذلك الحمل والثقل من الاثم يوم القيامة حملا، وحق لهم أن يسوءهم ذلك، وقد أوردهم مهلكة لا منجي منها.
وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
18348 - حدثني علي، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: وساء لهم يوم القيامة حملا يقول: بئسما حملوا.
18349 - حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: وساء لهم يوم القيامة حملا يعني بذلك: ذنوبهم.
وقوله: يوم ينفخ في الصور يقول تعالى ذكره وساء لهم يوم القيامة، يوم ينفخ في الصور، فقوله: يوم ينفخ في الصور رد على يوم القيامة. وقد بينا معنى النفخ في الصور، وذكرنا اختلاف المختلفين في معنى الصور، والصحيح في ذلك من القول عندي بشواهده المغنية عن إعادته في هذا الموضع قبل.