يقول الله تعالى ذكره: قال الله لموسى وهارون: لا تخافا فرعون إنني معكما أعينكما عليه، وأبصركما أسمع ما يجري بينكما وبينه، فأفهمكما ما تحاورانه به وأرى ما تفعلان ويفعل، لا يخفى علي من ذلك شئ فأتياه فقولا له إنا رسولا ربك.
وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
18210 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج قال لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى ما يحاوركما، فأوحي إليكما فتجاوبانه.
وقوله: فأتياه فقولا إنا رسولا ربك أرسلنا إليك يأمرك أن ترسل معنا بني إسرائيل، فأرسلهم معنا ولا تعذبهم بما تكلفهم من الأعمال الرديئة قد جئناك بآية معجزة من ربك على أنه أرسلنا إليك بذلك، إن أنت لم تصدقنا فيما نقول لك أريناكها، والسلام على من اتبع الهدى يقول: والسلامة لمن اتبع هدى الله، وهو بيانه. يقال:
السلام على من اتبع الهدى، ولمن اتبع بمعنى واحد. القول في تأويل قوله تعالى: * (إنا قد أوحي إلينا أن العذاب على من كذب وتولى قال فمن ربكما يا موسى قال ربنا الذي أعطى كل شئ خلقه ثم هدى) *.
يقول تعالى ذكره لرسوله موسى وهارون: قولا لفرعون إنا قد أوحى إلينا ربك أن عذابه الذي لا نفاد له، ولا انقطاع على من كذب بما ندعوه إليه من توحيد الله وطاعته، وإجابة رسله وتولى يقول: وأدبر معرضا عما جئناه به من الحق، كما:
18211 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: أن العذاب على من كذب وتولى كذب بكتاب الله، وتولى عن طاعة الله.
وقوله: قال فمن ربكما يا موسى في هذا الكلام متروك، ترك ذكره استغناء بدلالة ما ذكر عليه عنه، وهو قوله: فأتياه فقالا له ما أمرهما به ربهما وأبلغاه رسالته، فقال فرعون لهما فمن ربكما يا موسى فخاطب موسى وحده بقوله: يا موسى، وقد وجه الكلام قبل ذلك إلى موسى وأخيه. وإنما فعل ذلك كذلك، لان المجاوبة إنما تكون من الواحد وإن كان الخطاب بالجماعة لا من الجميع، وذلك نظير قوله: نسيا حوتهما