عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: لا ترى فيها عوجا ولا أمتا يقول: لا ترى فيها ميلا، والأمت: الأثر مثل الشراك.
وقال آخرون: الأمت: المحاني والاحداب. ذكر من قال ذلك:
18362 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قال: الأمت:
الحدب.
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: عنى بالعوج: الميل، وذلك أن ذلك هو المعروف في كلام العرب.
فإن قال قائل: وهل في الأرض اليوم من عوج، فيقال: لا ترى فيها يومئذ عوجا.
قيل: إن معنى ذلك: ليس فيها أودية وموانع تمنع الناظر أو السائر فيها عن الاخذ على الاستقامة، كما يحتاج اليوم من أخذ في بعض سبلها إلى الاخذ أحيانا يمينا، وأحيانا شمالا، لما فيها من الجبال والأودية والبحار. وأما الأمت فإنه عند العرب: الانثناء والضعف. مسموع منهم: مد حبله حتى ما ترك فيه أمتا: أي انثناء وملا سقاءه حتى ما ترك فيه أمتا ومنه قول الراجز:
ما في انجذاب سيره من أمت يعني: من وهن وضعف، فالواجب إذا كان ذلك معنى الأمت عندهم أن يكون أصوب الأقوال في تأويله: ولا ارتفاع ولا انخفاض، لان الانخفاض لم يكن إلا عن ارتفاع. فإذا كان ذلك كذلك، فتأويل الكلام: لا ترى فيها ميلا عن الاستواء، ولا ارتفاعا، ولا انخفاضا، ولكنها مستوية ملساء، كما قال جل ثناؤه: قاعا صفصفا. القول في تأويل قوله تعالى: * (يومئذ يتبعون الداعي لا عوج له وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا) *.