الأسباب التي من أجلها فعلت الأفعال التي استنكرتها مني، تأويل. يقول: ما تؤول إليه وترجع الأفعال التي لم تسطع على ترك مسألتك إياي عنها، وإنكارك لها صبرا.
وهذه القصص التي أخبر الله عز وجل نبيه محمد (ص) بها عن موسى وصاحبه، تأديب منه له، وتقدم إليه بترك الاستعجال بعقوبة المشركين الذين كذبوه واستهزؤوا به وبكتابه، وإعلام منه له أن أفعاله بهم وإن جرت فيما ترى الأعين بما قد يجري مثله أحيانا لأوليائه، فإن تأويله صائر بهم إلى أحوال أعدائه فيها، كما كانت أفعال صاحب موسى واقعة بخلاف الصحة في الظاهر عند موسى، إذ لم يكن عالما بعواقبها، وهي ماضية على الصحة في الحقيقة وائلة إلى الصواب في العاقبة، ينبئ عن صحة ذلك قوله: وربك الغفور ذو الرحمة لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب بل لهم موعد لن يجدوا من دونه موئلا. ثم عقب ذلك بقصة موسى وصاحبه، يعلم نبيه أن تركه جل جلاله تعجيل العذاب لهؤلاء المشركين، بغير نظر منه لهم، وإن كان ذلك فيما يحسب من لا علم له بما الله مدبر فيهم، نظرا منه لهم، لان تأويل ذلك صائر إلى هلاكهم وبوارهم بالسيف في الدنيا واستحقاقهم من الله في الآخرة الخزي الدائم. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلوا عليكم منه ذكرا إنا مكنا له في الأرض وآتيناه من كل شئ سببا فأتبع سببا) *.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): ويسألك يا محمد هؤلاء المشركون عن ذي القرنين ما كان شأنه، وما كانت قصته، فقل لهم: سأتلو عليكم من خبره ذكرا يقول:
سأقص عليكم منه خبرا. وقد قيل: إن الذين سألوا رسول الله (ص) عن أمر ذي القرنين، كانوا قوما من أهل الكتاب. فأما الخبر بأن الذين سألوه عن ذلك كانوا مشركي قومه فقد ذكرناه قبل. وأما الخبر بأن الذين سألوه، كانوا قوما من أهل الكتاب.
17546 - فحدثنا به أبو كريب، قال: ثنا زيد بن حباب عن ابن لهيعة، قال: ثني عبد الرحمن بن زياد بن أنعم عن شيخين من نجيب، قال: أحدهما لصاحبه: انطلق بنا إلى عقبة بن عامر نتحدث، قالا: فأتياه فقالا: جئنا لتحدثنا، فقال: كنت يوما أخدم رسول الله (ص)، فخرجت من عنده، فلقيني قوم من أهل الكتاب، فقالوا: نريد أن نسأل