وقوله: وأعتزلكم وما تدعون من دون الله يقول: وأجتنبكم وما تدعون من دون الله من الأوثان والأصنام وأدعو ربي يقول: وأدعو ربي، بإخلاص العبادة له، وإفراده بالربوبية عسى أن لا أكون بدعاء ربي شقيا يقول: عسى أن لا أشقى بدعاء ربي، ولكن يجيب دعائي، ويعطيني ما أسأله. القول في تأويل قوله تعالى:
* (فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله وهبنا له إسحاق ويعقوب وكلا جعلنا نبيا ئ ووهبنا لهم من رحمتنا وجعلنا لهم لسان صدق عليا) *.
يقول تعالى ذكره: فلما اعتزل إبراهيم قومه وعبادة ما كانوا يعبدون من دون الله من الأوثان آنسنا وحشته من فراقهم، وأبدلناه منهم بمن هو خير منهم وأكرم على الله منهم، فوهبنا له ابنه إسحاق، وابن ابنه يعقوب بن إسحاق وكلا جعلنا نبيا يقول: وجعلناهم كلهم، يعني بالكل إبراهيم وإسحاق ويعقوب أنبياء وقال تعالى ذكره: وكلا جعلنا نبيا فوحد، ولم يقل أنبياء، لتوحيد لفظ كل ووهبنا لهم من رحمتنا يقول جل ثناؤه: ورزقنا جميعهم، يعني إبراهيم وإسحاق ويعقوب من رحمتنا، وكان الذي وهب لهم من رحمته، ما بسط لهم في عاجل الدنيا من سعة رزقه، وأغناهم بفضله.
وقوله وجعلنا لهم لسان صدق عليا يقول تعالى ذكره: ورزقناهم الثناء الحسن، والذكر الجميل من الناس، كما:
17907 - حدثني علي، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: وجعلنا لهم لسان صدق عليا يقول: الثناء الحسن.
وإنما وصف جل ثناؤه اللسان الذي جعل لهم بالعلو، لان جميع أهل الملل تحسن الثناء عليهم، والعرب تقول: قد جاءني لسان فلان، تعني ثناءه أو ذمه ومنه قول عامر بن الحارث:
إني أتتني لسان لا أسر بها * من علو لا عجب منها ولا سخر ويروى: لا كذب فيها ولا سخر.
جاءت مرجمة قد كنت أحذرها * لو كان ينفعني الاشفاق والحذر