(الذي جعل لكم الأرض مهدا وسلك لكم فيها سبلا وأنزل من السماء ماء فأخرجنا به أزواجا من نبات شتى) *.
اختلف أهل التأويل في قراءة قوله مهدا فقرأته عامة قراء المدينة والبصرة: الذي جعل لكم الأرض مهادا بكسر الميم من المهاد وإلحاق ألف فيه بعد الهاء، وكذلك عملهم ذلك في كل القرآن. وزعم بعض من اختار قراءة ذلك كذلك، أنه إنما اختاره من أجل أن المهاد: اسم الموضع، وأن المهد الفعل قال: وهو مثل الفرش والفراش. وقرأ ذلك عامة قراء الكوفيين: مهدا بمعنى: الذي مهد لكم الأرض مهدا.
والصواب من القول في ذلك أن يقال: إنهما قراءتان مستفيضتان في قراءة الأمصار مشهورتان، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب الصواب فيها.
وقوله: وسلك لكم فيها سبلا يقول: وأنهج لكم في الأرض طرقا. والهاء في قوله فيها: من ذكر الأرض، كما:
18220 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة وسلك لكم فيها سبلا: أي طرقا.
وقوله: وأنزل من السماء ماء يقول: وأنزل من السماء مطرا فأخرجنا به أزواجا من نبات شتى وهذا خبر من الله تعالى ذكره عن إنعامه على خلقه بما يحدث لهم من الغيث الذي ينزله من سمائه إلى أرضه، بعد تناهي خبره عن جواب موسى فرعون عما سأله عنه وثنائه على ربه بما هو أهله. يقول جل ثناؤه: فأخرجنا نحن أيها الناس بما ننزل من السماء من ماء أزواجا، يعني ألوانا من نبات شتى، يعني مختلفة الطعوم، والأراييح والمنظر.
وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
18221 - حدثني علي، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: من نبات شتى يقول: مختلف. القول في تأويل قوله تعالى: * (كلوا وارعوا أنعامكم إن في ذلك لآيات لأولي النهى) *.
يقول تعالى ذكره: كلوا أيها الناس من طيب ما أخرجنا لكم بالغيث الذي أنزلناه من السماء إلى الأرض من ثمار ذلك وطعامه، وما هو من أقواتكم وغذائكم، وارعوا فيما هو