(فأتبعهم فرعون بجنوده فغشيهم من اليم ما غشيهم ئ وأضل فرعون قومه وما هدى) *.
يقول تعالى ذكره: فسرى موسى ببني إسرائيل إذا أوحينا إليه أن أسر بهم، فأتبعهم فرعون بجنوده حين قطعوا البحر، فغشي فرعون وجنده من اليم ما غشيهم، فغرقوا جميعا وأضل فرعون قومه وما هدى يقول جل ثناؤه: وجاوز فرعون بقومه عن سواء السبيل، وأخذ بهم على غير استقامة، وذلك أنه سلك بهم طريق أهل النار، بأمرهم بالكفر بالله، وتكذيب رسله وما هدى يقول: وما سلك بهم الطريق المستقيم، وذلك أنه نهاهم عن اتباع رسول الله موسى، والتصديق به، فأطاعوه، فلم يهدهم بأمره إياهم بذلك، ولم يهتدوا باتباعهم إياه. القول في تأويل قوله تعالى: * (يبني إسرائيل قد أنجيناكم من عدوكم وواعدناكم جانب الطور الأيمن ونزلنا عليكم المن والسلوى ئ كلوا من طيبات ما رزقناكم ولا تطغوا فيه فيحل عليكم غضبي ومن يحلل عليه غضبي) *.
يقول تعالى ذكره: فلما نجا موسى بقومه من البحر، وغشي فرعون قومه من اليم ما غشيهم، قلنا لقوم موسى: يا بني إسرائيل قد أنجيناكم من عدوكم فرعون وواعدناكم جانب الطور الأيمن ونزلنا عليكم المن والسلوى وقد ذكرنا كيف كانت مواعدة الله موسى وقومه جانب الطور الأيمن. وقد بينا المن والسلوى باختلاف المختلفين فيهما، وذكرنا الشواهد على الصواب من القول في ذلك فيما مضى قبل، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
واختلفت القراء في قراءة قوله: قد أنجيناكم فكانت عامة قراء المدينة والبصرة يقرءونه: قد أنجيناكم بالنون والألف وسائر الحروف الاخر معه كذلك، وقرأ ذلك عامة قراء الكوفة: قد أنجيتكم بالتاء، وكذلك سائر الحروف الاخر، إلا قوله: ونزلنا عليكم المن والسلوى فإنهم وافقوا الآخرين في ذلك وقرأوه بالنون والألف.
والقول في ذلك عندي أنهما قراءتان معروفتان باتفاق المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ ذلك فمصيب.
وقوله: كلوا من طيبات ما رزقناكم يقول تعالى ذكره لهم: كلوا يا بني إسرائيل