يا أم إذا وصل، ولكنه لما كان الأب على حرفين، كان كأنه قد أخل به، فصارت الهاء لازمة، وصارت الياء كأنها بعدها، فلذلك قالوا: يا أبة أقبل، وجعل التاء للتأنيث، ويجوز الترخيم من يا أب أقبل، لأنه يجوز أن تدعو ما تضيفه إلى نفسك في المعنى مضموما، نحو قول العرب: يا رب اغفر لي، وتقف في القرآن: يا أبه في الكتاب. وقد يقف بعض العرب على الهاء بالتاء. وقال بعض نحويي الكوفة: الهاء مع أبة وأمة هاء وقف، كثرت في كلامهم حتى صارت كهاء التأنيث، وأدخلوا عليها الإضافة، فمن طلب الإضافة، فهي بالتاء لا غير، لأنك تطلب بعدها الياء، ولا تكون الهاء حينئذ إلا تاء، كقولك: يا أبت لا غير، ومن قال: يا أبه، فهو الذي يقف بالهاء، لأنه لا يطلب بعدها ياء ومن قال: يا أبتا، فإنه يقف عليها بالتاء، ويجوز بالهاء فأما بالتاء، فلطلب ألف الندبة، فصارت الهاء تاء لذلك، والوقف بالهاء بعيد، إلا فيمن قال: يا أميمة ناصب فجعل هذه الفتحة من فتحة الترخيم، وكأن هذا طرف الاسم، قال: وهذا يعيد. القول في تأويل قوله تعالى: * (يأبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطا سويا) *.
يقول تعالى ذكره: قال إبراهيم لأبيه: يا أبت إني قد آتاني الله من العلم ما لم يؤتك فاتبعني: يقول: فاقبل مني نصيحتي أهدك صراطا سويا يقول: أبصرك هدى الطريق المستوى الذي لا تضل فيه إن لزمته، وهو دين الله الذي لا اعوجاج فيه. القول في تأويل قوله تعالى: * (يأبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا) *.
يقول تعالى ذكره: يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان لله عاصيا. والعصي هو ذو العصيان، كما العليم ذو العلم. وقد قال قوم من أهل العربية: العصي: هو العاصي، والعليم هو العالم، والعريف هو العارف، واستشهدوا لقولهم ذلك، بقول طريف بن تميم العنبري.
أو كلما وردت عكاظ قبيلة * بعثوا إلي عريفهم يتوسم