واختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء أهل المدينة والبصرة وبعض أهل الكوفة: فيسحتكم بفتح الياء من سحت يسحت. وقرأته عامة قراء الكوفة: فيسحتكم بضم الياء من أسحت يسحت.
قال أبو جعفر: والقول في ذلك عندنا أنهما قراءتان مشهورتان، ولغتان معروفتان بمعنى واحد، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب، غير أن الفتح فيها أعجب إلي لأنها لغة أهل العالية، وهي أفصح، والأخرى وهي الضم في نجد.
وقوله: وقد خاب من افترى يقول: ولم يظفر من يخلق كذبا وبقوله، بكذبه ذلك، بحاجته التي طلبها به، ورجا إدراكها به. القول في تأويل قوله تعالى: * (فتنازعوا أمرهم بينهم وأسروا النجوى قالوا إن هذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى) *.
يقول تعالى ذكره: فتنازع السحرة أمرهم بينهم. وكان تنازعهم أمرهم بينهم فيما ذكر أن قال بعضهم لبعض، ما:
18242 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: فتنازعوا أمرهم بينهم وأسروا النجوى قال السحرة بينهم: إن كان هذا ساحرا فإنا سنغلبه، وإن كان من السماء فله أمر.
وقال آخرون بل هو أن بعضهم قال لبعض: ما هذا القول بقول ساحر. ذكر من قال ذلك:
18243 - حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: حدثت عن وهب بن منبه، قال: جمع كل ساحر حباله وعصيه، وخرج موسى معه أخوه يتكئ على عصاه، حتى أتى المجمع، وفرعون في مجلسه، معه أشراف أهل مملكته، قد استكف له الناس، فقال موسى للسحرة حين جاءهم: ويلكم لا تفتروا على الله كذبا فيسحتكم بعذاب وقد خاب من افترى فتراد السحرة بينهم، وقال بعضهم لبعض: ما هذا بقول ساحر.