بعض قارئي هذه القراءة يعتل فيما ذكر لي لقراءته ذلك كذلك بقوله: فتولى فرعون فجمع كيده.
قال أبو جعفر: والصواب في قراءة ذلك عندنا همز الألف من أجمع، لاجماع الحجة من القراء عليه، وأن السحرة هم الذين كانوا به معروفين، فلا وجه لان يقال لهم: اجمعوا ما دعيتم له مما أنتم به عالمون، لان المرء إنما يجمع ما لم يكن عنده إلى ما عنده، ولم يكن ذلك يوم تزيد في علمهم بما كانوا يعملونه من السحر، بل كان يوم إظهاره، أو كان متفرقا مما هو عنده، بعضه إلى بعض، ولم يكن السحر متفرقا عندهم فيجمعونه. وأما قوله: فجمع كيده فغير شبيه المعنى بقوله فأجمعوا كيدكم وذلك أن فرعون كان هو الذي يجمع ويحتفل بما يغلب به موسى مما لم يكن عنده مجتمعا حاضرا، فقيل: فتولى فرعون فجمع كيده.
وقوله: ثم ائتوا صفا يقول: أحضروا وجيئوا صفا والصف ههنا مصدر، ولذلك وحد، ومعناه: ثم ائتوا صفوفا، وللصف في كلام العرب موضع آخر، وهو قول العرب:
أتيت الصف اليوم، يعني به المصلى الذي يصلى فيه.
وقوله: وقد أفلح اليوم من استعلى يقول: قد ظفر بحاجته اليوم من علا على صاحبه فقهره، كما:
18254 - حدثنا ابن حميد، قلا: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: حدثت عن وهب بن منبه، قال: جمع فرعون الناس لذلك الجمع، ثم أمر السحرة فقال: ائتوا صفا وقد أفلح اليوم من استعلى أي قد أفلح من أفلج اليوم على صاحبه. القول في تأويل قوله تعالى: * (قالوا يا موسى إما أن تلقي وإما أن نكون أول من ألقى ئ قال بل ألقوا فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى) *.
يقول تعالى ذكره: فأجمعت السحرة كيدهم، ثم أتوا صفا فقالوا لموسى: يا موسى إما أن تلقي وإما أن نكون أول من ألقى وترك ذكر ذلك من الكلام اكتفاء بدلالة الكلام عليه.