وقوله فهل نجعل لك خرجا اختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء المدينة والبصرة وبعض أهل الكوفة: فهل نجعل لك خرجا كأنهم نحوا به نحو المصدر من خرج الرأس، وذلك جعله. وقرأته عامة قراء الكوفيين: فهل نجعل لك خراجا بالألف، وكأنهم نحوا به نحو الاسم، وعنوا به أجرة على بنائك لنا سدا بيننا وبين هؤلاء القوم.
وأولى القراءتين في ذلك عندنا بالصواب قراءة من قرأه: فهل نجعل لك خراجا بالألف، لان القوم فيما ذكر عنهم، إنما عرضوا على ذي القرنين أن يعطوه من أموالهم ما يستعين به على بناء السد، وقد بين ذلك بقوله: فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما ولم يعرضوا عليه جزية رؤوسهم. والخراج عند العرب: هو الغلة. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
17590 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن عطاء الخراساني، عن ابن عباس فهل نجعل لك خراجا قال: أجرا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا.
17591 - حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله: فهل نجعل لك خراجا قال: أجرا.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا أبو سفيان، عن معمر، عن قتادة، قوله: فهل نجعل لك خراجا قال: أجرا.
وقوله: على أن تجعل بيننا وبينهم سدا يقول: قالوا له: هل نجعل لك خراجا حتى أن تجعل بيننا وبين يأجوج ومأجوج حاجزا يحجز بيننا وبينهم، ويمنعهم من الخروج إلينا، وهو السد. القول في تأويل قوله تعالى:
* (قال ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما) *.
يقول تعالى ذكره: قال ذو القرنين: الذي مكنني في عمل ما سألتموني من السد بينكم وبين هؤلاء القوم ربي، ووطأه لي، وقواني عليه، خير من جعلكم، والأجرة التي تعرضونها علي لبناء ذلك، وأكثر وأطيب، ولكن أعينوني منكم بقوة، أعينوني بفعلة وصناع يحسنون البناء والعمل. كما:
17592 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين،