قول هذا، فهلم فلنقاتلهم، فقاتلوهم وأوطؤوهم إسرائيل، فأخرجوا منهم أربعة نفر، أخرج كل قوم عالمهم، فامتروا في عيسى حين رفع، فقال أحدهم: هو الله هبط إلى الأرض وأحيا من أحيى، وأمات من أمات، ثم صعد إلى السماء، وهم اليعقوبية، فقال الثلاثة: كذبت، ثم قال اثنان منهم للثالث، قل أنت فيه، قال: هو ابن الله، وهم النسطورية، فقال الاثنان:
كذبت، ثم قال أحد الاثنين للآخر: قل فيه، قال: هو ثالث ثلاثة: الله إله، وهو إله، وأمه إله، وهم الإسرائيلية ملوك النصارى قال الرابع: كذبت، هو عبد الله ورسوله وروحه وكلمته، وهم المسلمون، فكان لكل رجل منهم أتباع على ما قال، فاقتتلوا، فظهر على المسلمين، وذلك قول الله: ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس قال قتادة: هم الذين قال الله: فاختلف الأحزاب اختلفوا فيه فصاروا أحزابا. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون وإن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم) *.
يقول تعالى ذكره: لقد كفرت الذين قالوا: إن عيسى ابن الله، وأعظموا الفرية عليه، فما ينبغي لله أن يتخذ ولدا، ولا يصلح ذلك له ولا يكون، بل كل شئ دونه فخلقه، وذلك نظير قول عمرو بن أحمر:
في رأس خلقاء من عنقاء مشرفة * ما يبتغى دونها سهل ولا جبل وأن من قوله أن يتخذ في موضع رفع بكان. وقوله: سبحانه يقول: تنزيها لله وتبرئة له أن يكون له ما أضاف إليه الكافرون القائلون: عيسى ابن الله. وقوله: إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون يقول جل ثناؤه: إنما ابتدأ الله خلق عيسى ابتداء، وأنشأه إنشاء، من غير فحل افتحل أمه، ولكنه قال له: كن فيكون لأنه كذلك يبتدع الأشياء