وقد اختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء المدينة والعراق: لعلك ترضى بفتح التاء. وكان عاصم والكسائي يقرآن ذلك: لعلك ترضى بضم التاء، وروي ذلك عن أبي عبد الرحمن السلمي، وكأن الذين قرأوا ذلك بالفتح، ذهبوا إلى معنى: إن الله يعطيك، حتى ترضى عطيته وثوابه إياك، وكذلك تأوله أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
18451 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:
لعلك ترضى قال: الثواب، ترضى بما يثيبك الله على ذلك.
18452 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج لعلك ترضى قال: بما تعطى.
وكأن الذين قرأوا ذلك بالضم، وجهوا معنى الكلام إلى لعل الله يرضيك من عبادتك إياه، وطاعتك له. والصواب من القول في ذلك عندي: أنهما قراءتان، قد قرأ بكل واحدة منهما علماء من القراء، وهما قراءتان مستفيضتان في قراءة الأمصار، متفقتا المعنى، غير مختلفتيه وذلك أن الله تعالى ذكره إذا أرضاه، فلا شك أنه يرضى، وأنه إذا رضي فقد أرضاه الله، فكل واحدة منهما تدل على معنى الأخرى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب الصواب. القول في تأويل قوله تعالى: * (ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى) *.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): ولا تنظر إلى ما جعلنا لضرباء هؤلاء المعرضين عن آيات ربهم وأشكالهم، متعة في حياتهم الدنيا، يتمتعون بها، من زهرة عاجل الدنيا ونضرتها لنفتنهم فيه يقول: لنختبرهم فيما متعناهم به من ذلك، ونبتليهم، فإن ذلك فان زائل، وغرور وخدع تضمحل ورزق ربك الذي وعدك أن يرزقكه في الآخرة حتى ترضى، وهو ثوابه إياه خير لك مما متعناهم به من زهرة الحياة الدنيا. وأبقى يقول:
وأدوم، لأنه لانقطاع له ولا نفاذ. وذكر أن هذه الآية نزلت على رسول الله (ص)، من أجل أن رسول الله (ص) بعث إلى يهودي يستسلف منه طعاما، فأبى أن يسلفه إلا برهن. ذكر من قال ذلك:
18453 - حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن موسى بن عبيدة، عن يزيد بن