حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله:
أعطى كل شئ خلقه ثم هدى قال: سوى خلق كل دابة، ثم هداها لما يصلحها، فعلمها إياه.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، قوله: ربنا الذي أعطى كل شئ خلقه ثم هدى قال: سوى خلق كل دابة ثم هداها لما يصلحها وعلمها إياه، ولم يجعل الناس في خلق البهائم، ولا خلق البهائم في خلق الناس، ولكن خلق كل شئ فقدره تقديرا.
حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن حميد عن مجاهد أعطى كل شئ خلقه ثم هدى قال: هداه إلى حيلته ومعيشته.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: أعطى كل شئ ما يصلحه، ثم هداه له. ذكر من قال ذلك:
18216 - حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، قوله: أعطى كل شئ خلقه قال: أعطى كل شئ ما يصلحه. ثم هداه له.
قال أبو جعفر: وإنما اخترنا القول الذي اخترنا في تأويل ذلك، لأنه جل ثناؤه أخبر أنه أعطى كل شئ خلقه، ولا يعطي المعطي نفسه، بل إنما يعطي ما هو غيره، لان العطية تقتضي المعطي المعطى والعطية، ولا تكون العطية هي المعطى، وإذا لم تكن هي هو، وكانت غيره، وكانت صورة كل خلق بعض أجزائه، كان معلوما أنه إذا قيل: أعطى الانسان صورته، إنما يعني أنه أعطى بعض المعاني التي به مع غيره دعي إنسانا، فكأن قائله قال:
أعطى كل خلق نفسه، وليس ذلك إذا وجه إليه الكلام بالمعروف من معاني العطية، وإن كان قد يحتمله الكلام. فإذا كان ذلك كذلك، فالأصوب من معانيه أن يكون موجها إلى أن كل شئ أعطاه ربه مثل خلقه، فزوجه به، ثم هداه لما بينا، ثم ترك ذكر مثل، وقيل أعطى كل شئ خلقه كما يقال: عبد الله مثل الأسد، ثم يحذف مثل، فيقول: عبد الله الأسد. القول في تأويل قوله تعالى: * (قال فما بال القرون الأولى ئ قال علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى) *.