ولا يكره ذلك جبرئيل، فرفعه عند الخمس، فقال: يا رب إن أمتي ضعاف أجسادهم وقلوبهم وأسماعهم وأبصارهم، فخفف عنا قال الجبار جل جلاله: يا محمد، قال:
لبيك وسعديك، فقال: إني لا يبدل القول لدي كما كتبت عليك في أم الكتاب، ولك بكل حسنة عشر أمثالها، وهي خمسون في أم الكتاب، وهي خمس عليك فرجع إلى موسى، فقال: كيف فعلت؟ فقال: خفف عني، أعطانا بكل حسنة عشر أمثالها قال: قد والله راودت بني إسرائيل على أدنى من هذا فتركوه فارجع فليخفف عنك أيضا، قال:
يا موسى قد والله استحييت من ربي مما أختلف إليه قال: فاهبط باسم الله، فاستيقظ وهو في المسجد الحرام.
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، أن يقال: إن الله عز وجل أخبر أنه أسرى بعبده من المسجد الحرام، والمسجد الحرام هو الذي يتعارفه الناس بينهم إذا ذكروه، وقوله: إلى المسجد الأقصى يعني: مسجد بيت المقدس، وقيل له: الأقصى، لأنه أبعد المساجد التي تزار، ويبتغى في زيارته الفضل بعد المسجد الحرام. فتأويل الكلام تنزيها لله، وتبرئة له مما نحله المشركون من الاشراك والأنداد والصاحبة، وما يجل عنه جل جلاله، الذي سار بعبده ليلا من بيته الحرام إلى بيته الأقصى.
ثم اختلف أهل العلم في صفة إسراء الله تبارك وتعالى بنبيه (ص) من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، فقال بعضهم: أسرى الله بجسده، فسار به ليلا على البراق من بيته الحرام إلى بيته الأقصى حتى أتاه، فأراه ما شاء أن يريه من عجائب أمره وعبره وعظيم سلطانه، فجمعت له به الأنبياء، فصلى بهم هنالك، وعرج به إلى السماء حتى صعد به فوق السماوات السبع، وأوحى إليه هنالك ما شاء أن يوحي ثم رجع إلى المسجد الحرام من ليلته، فصلى به صلاة الصبح. ذكر من قال ذلك، وذكر بعض الروايات التي رويت عن رسول الله (ص) بتصحيحه: