ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها وإذا لا يلبثون خلافك إلا قليلا وقد هم أهل مكة باخراج النبي (ص) من مكة، ولو فعلوا ذلك لما توطنوا، ولكن الله كفهم عن اخراجه حتى أمره، ولقلما مع ذلك لبثوا بعد خروج نبي الله (ص) من مكة حتى بعث الله عليهم القتل يوم بدر.
* - حدثني محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة ليستفزونك من الأرض قال: قد فعلوا بعد ذلك، فأهلكهم الله يوم بدر، ولم يلبثوا بعده إلا قليلا حتى أهلكهم الله يوم بدر. وكذلك كانت سنة الله في الرسل إذا فعل بهم قومهم مثل ذلك.
17014 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحرث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد خلافك إلا قليلا قال: لو أخرجت قريش محمدا لعذبوا بذلك.
* - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.
وأولى القولين في ذلك عندي بالصواب، قول قتادة ومجاهد، وذلك أن قوله: وإن كادوا ليستفزونك من الأرض في سياق خبر الله عز وجل عن قريش وذكره إياهم، ولم يجر لليهود قبل ذلك ذكر، فيوجه قوله وإن كادوا إلى أنه خبر عنهم، فهو بأن يكون خبرا عمن جرى له ذكر أولى من غيره. وأما القليل الذي استثناه الله جل ذكره في قوله وإذا لا يلبثون خلفك إلا قليلا فإنه فيما قيل، ما بين خروج رسول الله (ص) من مكة إلى أن قتل الله من قتل من مشركيهم ببدر. ذكر من قال ذلك:
17015 - حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: وإذا لا يلبثون خلفك إلا قليلا يعني بالقليل يوم أخذهم ببدر، فكان ذلك هو القليل الذي لبثوا بعد.
17016 - حدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: وإذا لا يلبثون خلفك إلا قليلا كان القليل الذي لبثوا بعد خروج النبي (ص) من بين أظهرهم إلى بدر، فأخذهم بالعذاب يوم بدر، وعني بقوله خلافك بعدك، كما قال الشاعر: