وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: برحمة منا ومن خزي يومئذ قال: نجاه الله برحمة منا، ونجاه من خزي يومئذ.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن أبي بكر بن عبد الله، عن شهر بن حوشب عن عمرو بخارجة قال: قلنا له: حدثنا حديث ثمود قال: أحدثكم عن رسول الله (ص) عن ثمود: كانت ثمود قوم صالح، أعمرهم الله في الدنيا فأطال أعمارهم حتى جعل أحدهم يبني المسكن من المدر، فينهدم والرجل منهم حي، فلما رأوا ذلك اتخذوا من الجبال بيوتا فرهين، فنحتوها وجوفوها، وكانوا في سعة من معايشهم، فقالوا: يصالح ادع لنا ربك يخرج لنا آية نعلم أنك رسول الله فدعا صالح ربه، فأخرج لهم الناقة، فكان شربها يوما وشربهم يوما معلوما. فإذا كان يوم شربها خلوا عنها وعن الماء وحلبوها لبنا، ملأوا كل إناء ووعاء وسقاء، حتى إذا كان يوم شربهم صرفوها عن الماء، فلم تشرب منه شيئا، ملأوا كل إناء ووعاء وسقاء. فأوحى الله إلى صالح: إن قومك سيعقرون ناقتك فقال لهم، فقالوا: ما كنا لنفعل فقال: إلا تعقروها أنتم يوشك أن يولد فيكم مولود. قالوا: ما علامة ذلك المولود؟ فوالله لا نجده إلا قتلناه قال: فإنه غلام أشقر أزرق أصهب أحمر. قال: وكان في المدينة شيخان عزيزان منيعان، لأحدهما ابن يرغب به عن المناكح، وللآخر ابنة لا يجد لها كفؤا، فجمع بينهما مجلس، فقال أحدهما لصاحبه: ما يمنعك أن تزوج ابنك؟ قال: لا أجد له كفؤا، قال: فإن ابنتي كفؤ له، وأنا أزوجك فزوجه، فولد بينهما ذلك المولود. وكان في المدينة ثمانية رهط يفسدون في الأرض، ولا يصلحون، فلما قال لهم صالح: إنما يعقرها مولود فيكم، اختاروا ثماني نسوة قوابل من القرية، وجعلوا معهن شرطا كانوا يطوفون في القرية، فإذا وجدوا المرأة تمخض، نظروا ما ولدها إن كان غلاما قلبنه، فنظرن ما هو، وإن كانت جارية أعرضن عنها، فلما وجدوا ذلك المولود صرخ النسوة وقلن: هذا الذي يريد رسول الله صالح فأراد الشرط أن يأخذوه، فحال جداه بينهم وبينه وقالا: لو أن صالحا أراد هذا قتلناه فكان شر مولود، وكان يشب في اليوم شباب غيره في الجمعة، ويشب في الجمعة شباب غيره في الشهر، ويشب في الشهر شباب غيره في السنة. فاجتمع الثمانية الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون وفيهم الشيخان، فقالوا نستعمل علينا هذا الغلام لمنزلته وشرف جديه، فكانوا تسعة. وكان صالح لا ينام معهم في القرية، كان في مسجد يقال له مسجد صالح، فيه يبيت بالليل، فإذا أصبح أتاهم فوعظهم