يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل هود لقومه: ويا قوم استغفروا ربكم يقول: آمنوا به حتى يغفر لكم ذنوبكم. والاستغفار: هو الايمان بالله في هذا الموضع، لان هودا (ص) إنما دعا قومه إلى توحيد الله ليغفر لهم ذنوبهم، كما قال نوح لقومه: اعبدوا الله واتقوه وأطيعون يغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى. وقوله: ثم توبوا إليه يقول: ثم توبوا إلى الله من سالف ذنوبكم وعبادتكم غيره بعد الايمان به. يرسل السماء عليكم مدرارا يقول: فإنكم إن آمنتم بالله وتبتم من كفركم به، أرسل قطر السماء عليكم يدر لكم الغيث في وقت حاجتكم إليه، وتحيا بلادكم من الجدب والقحط.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثني علي بن داود، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: مدرارا يقول: يتبع بعضها بعضا.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله:
يرسل السماء عليكم مدرارا قال: يدر ذلك عليهم قطرا ومطرا.
وأما قوله: ويزدكم قوة إلى قوتكم فإن مجاهدا كان يقول في ذلك ما:
حدثني به محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله: ويزدكم قوة إلى قوتكم قال: شدة إلى شدتكم.
حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد وإسحاق، قال: ثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين: قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال مجاهد، فذكر مثله.
حدثني يونس، قال أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله:
ويزدكم قوة إلى قوتكم قال: جعل لهم قوة، فلو أنهم أطاعوه، زادهم قوة إلى قوتهم.
وذكر لنا أنه إنما قيل لهم: ويزدكم قوة إلى قوتكم قال: إنه قد كان انقطع النسل عنهم سنين، فقال هود لهم: إن آمنتم بالله أحيى الله بلادكم ورزقكم المال والولد، لان ذلك من القوة.
وقوله: ولا تتولوا مجرمين يقول: ولا تدبروا عما أدعوكم إليه من توحيد الله، والبراءة من الأوثان والأصنام مجرمين، يعني كافرين بالله. القول في تأويل قوله تعالى: *