عنه وإنهم لكاذبون، وفي ذلك قال وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا وفي ذلك قال: لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل، ولا حجة لاحد على الله.
وقال آخرون: معنى ذلك: فما كانوا لو أحييناهم بعد هلاكهم ومعاينتهم ما عاينوا من عذاب الله ليؤمنوا بما كذبوا من قبل هلاكهم، كما قال جل ثناؤه: ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه. ذكر من قال ذلك:
11568 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله: بما كذبوا من قبل قال: كقوله: ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه.
قال أبو جعفر: وأشبه هذه الأقوال بتأويل الآية وأولاها بالصواب، القول الذي ذكرناه عن أبي بن كعب والربيع، وذلك أن من سبق في علم الله تبارك وتعالى أنه لا يؤمن به، فلن يؤمن أبدا، وقد كان سبق في علم الله تعالى لمن هلك من الأمم التي قص نبأهم في هذه السورة أنه لا يؤمن أبدا، فأخبر جل ثناؤه عنهم، أنهم لم يكونوا ليؤمنوا بما هم به مكذبون في سابق علمه قبل مجئ الرسل وعند مجيئهم إليهم. ولو قيل تأويله: فما كان هؤلاء الذين ورثوا الأرض يا محمد من مشركي قومك من بعد أهلها الذين كانوا بها من عاد وثمود، ليؤمنوا بما كذب به الذين ورثوها عنهم من توحيد الله ووعده ووعيده، كان وجها ومذهبا، غير أني لا أعلم قائلا قاله ممن يعتمد على علمه بتأويل القرآن. وأما الذي قاله مجاهد من أن معناه: لو ردوا ما كانوا ليؤمنوا، فتأويل لا دلالة عليه من ظاهر التنزيل، ولا من خبر عن الرسول صحيح. وإذا كان ذلك كذلك، فأولى منه بالصواب ما كان عليه من ظاهر التنزيل دليل.
وأما قوله: كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين فإنه يقول تعالى ذكره: كما طبع الله على قلوب هؤلاء الذين كفروا بربهم وعصوا رسله من هذه الأمم التي قصصنا عليك نبأهم يا محمد في هذه السورة حتى جاءهم بأس الله فهلكوا به، كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين الذين كتب عليهم أنهم لا يؤمنون أبدا من قومك. القول في تأويل قوله تعالى: *