النبي (ص) يوم خيبر: وهذا الخمس مردود على فقرائكم يصنع الله ورسوله في ذلك الخمس ما أحبا، ويضعانه حيث أحبا، ثم أخبرنا الله الذي يجب من ذلك ثم قرأ الآية: لذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كيلا يكون دولة بين الأغنياء منكم.
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله جل ثناؤه أخبر أنه جعل الأنفال لنبيه (ص) ينفل من شاء، فنفل القاتل السلب، وجعل للجيش في البداءة الربع وفي الرجعة الثلث بعد الخمس، ونفل قوما بعد سهمانهم بعيرا بعيرا في بعض المغازي. فجعل الله تعالى ذكره حكم الأنفال إلى نبيه (ص) ينفل على ما يرى مما فيه صلاح المسلمين، وعلى من بعده من الأئمة أن يستنوا بسنته في ذلك، وليس في الآية دليل على أن حكمها منسوخ لاحتمالها ما ذكرت من المعنى الذي وصفت، وغير جائز أن يحكم بحكم قد نزل به القرآن أنه منسوخ إلا بحجة يجب التسليم لها، فقد دللنا في غير موضع من كتبنا على أن لا منسوخ إلا ما أبطل حكمه حادث حكم بخلافه ينفيه من كل معانيه، أو يأتي خبر يوجب الحجة أن أحدهما ناسخ الآخر. وقد ذكر عن سعيد بن المسيب أنه كان ينكر أن يكون التنفيل لاحد بعد رسول الله (ص) تأويلا منه لقول الله تعالى: قل الأنفال لله والرسول.
12173 - حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا عبدة بن سليمان، عن محمد بن عمرو، قال:
أرسل سعيد بن المسيب غلامه إلى قوم سألوه عن شئ، فقال: إنكم أرسلتم إلي تسألوني عن الأنفال، فلا نفل بعد رسول الله (ص).
وقد بينا أن للأئمة أن يتأسوا برسول الله (ص) في مغازيهم بفعله، فينفلوا على نحو ما كان ينفل، إذا كان التنفيل صلاحا للمسلمين.
القول في تأويل قوله تعالى: فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين.
يقول تعالى ذكره: فخافوا الله أيها القوم، واتقوه بطاعته واجتناب معاصيه، وأصلحوا الحال بينكم.
واختلف أهل التأويل في الذي عني بقوله: وأصلحوا ذات بينكم فقال بعضهم: