فإذ كان معناه ما ذكرنا، فكل من زيد من مقاتلة الجيش على سهمه من الغنيمة، إن كان ذلك لبلاء أبلاه أو لغناء كان منه عن المسلمين، بتنفيل الوالي ذلك إياه، فيصير حكم ذلك له كالسلب الذي يسلبه القاتل، فهو منفل ما زيد من ذلك لان الزيادة وإن كانت مستوجبة في بعض الأحوال بحق، فليست من الغنيمة التي تقع فيها القسمة، وكذلك كل ما رضخ لمن لا سهم له في الغنيمة فهو نفل، لأنه وإن كان مغلوبا عليه فليس مما وقعت عليه القسمة. فالفصل إذ كان الامر على ما وصفنا بين الغنيمة والنفل، أن الغنيمة هي ما أفاء الله على المسلمين من أموال المشركين بغلبة وقهر نفل منه منفل أو لم ينفل والنفل: هو ما أعطيه الرجل على البلاء والغناء عن الجيش على غير قسمة. وإذ كان ذلك معنى النفل، فتأويل الكلام: يسألك أصحابك يا محمد عن الفضل من المال الذي تقع فيه القسمة من غنيمة كفار قريش الذين قتلوا ببدر لمن هو قل لهم يا محمد: هو لله ولرسوله دونكم، يجعله حيث شاء.
واختلف في السبب الذي من أجله نزلت هذه الآية، فقال بعضهم: نزلت في غنائم بدر لان النبي (ص) كان نفل أقواما على بلاء، فأبلى أقوام وتخلف آخرون مع رسول الله (ص)، فاختلفوا فيها بعد انقضاء الحرب، فأنزل الله هذه الآية على رسوله، يعلمهم أن ما فعل فيها رسول الله (ص)، فماض جائز. ذكر من قال ذلك.
12153 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا معتمر بن سليمان، قال: سمعت داود بن أبي هند يحدث، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن النبي (ص) قال: من أتى مكان كذا وكذا، فله كذا وكذا، أو فعل كذا وكذا، فله كذا وكذا. فتسارع إليه الشبان، وبقي الشيوخ عند الرايات. فلما فتح الله عليهم، جاءوا يطلبون ما جعل لهم النبي (ص)، فقال لهم الأشياخ: لا تذهبوا به دوننا فأنزل الله عليه الآية: فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم.
* - حدثنا المثنى، قال: ثنا عبد الأعلى، وحدثنا ابن وكيع، قال: ثنا عبد الأعلى، قال: ثنا داود، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: لما كان يوم بدر، قال رسول الله (ص): من صنع كذا وكذا، فله كذا وكذا قال: فتسارع في ذلك شبان الرجال، وبقيت الشيوخ تحت