وقرأ: يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين وأغلظ عليهم. قال: وأمر المؤمنين بالغلظة عليهم، فقال: يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة بعدما كان أمرهم بالعفو، وقرأ قول الله: قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله ثم لم يقبل منهم بعد ذلك إلا الاسلام أو القتل، فنسخت هذه الآية العفو.
قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بالصواب قول من قال: معناه: خذ العفو من أخلاق الناس، واترك الغلظة عليهم، وقال: أمر بذلك نبي الله (ص) في المشركين.
وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب، لان الله جل ثناؤه اتبع ذلك تعليمه نبيه (ص) محاجته المشركين في الكلام، وذلك قوله: قل ادعوا شركاءكم ثم كيدون فلا تنظرون، وعقبه بقوله: وإخوانهم يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون وإذا لم تأتهم بآية قالوا لولا اجتبيتها فما بين ذلك بأن يكون من تأديبه نبيه (ص) في عشرتهم به أشبه وأولى من الاعتراض بأمره بأخذ الصدقة من المسلمين.
فإن قال قائل: أفمنسوخ ذلك؟ قيل: لا دلالة عندنا على أنه منسوخ، إذ كان جائزا أن يكون، وإن كان الله أنزله على نبيه عليه الصلاة والسلام في تعريفه عشرة من لم يؤمر بقتاله من المشركين مرادا به تأديب نبي الله والمسلمين جميعا في عشرة الناس وأمرهم بأخذ عفو أخلاقهم، فيكون وإن كان من أجلهم نزل تعليما من الله خلقه صفة عشرة بعضهم بعضا، لم يجب استعمال الغلظة والشدة في بعضهم، فإذا وجب استعمال ذلك فيهم استعمل الواجب، فيكون قوله: خذ العفو أمرا بأخذه ما لم يجب غير العفو، فإذا وجب غيره أخذ الواجب وغير الواجب إذا أمكن ذلك فلا يحكم على الآية بأنها منسوخة لما قد بينا ذلك في نظائره في غير موضع من كتبنا.
وأما قوله: وأمر بالعرف فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله، فقال بعضهم بما:
12070 - حدثني الحسن بن الزبرقان النخعي، قال: ثني حسين الجعفي، عن