فوصف نفسه لتركه النظر والاستماع بالعمى والصمم. ومنه قول الآخر:
وعوراء اللئام صممت عنها * وإني لو أشاء بها سميع وبادرة وزعت النفس عنها * ولو بينت من العصب الضلوع وذلك كثير في كلام العرب وأشعارها.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك.
11986 - حدثني الحرث، قال: ثنا عبد العزيز، قال: ثنا أبو سعد، قال: سمعت مجاهدا يقول في قوله: لهم قلوب لا يفقهون بها قال: لا يفقهون بها شيئا من أمر الآخرة. ولهم أعين لا يبصرون بها الهدى. ولهم آذان لا يسمعون بها الحق ثم جعلهم كالانعام، ثم جعلهم شرا من الانعام، فقال: بل هم أضل ثم أخبر أنهم هم الغافلون.
القول في تأويل قوله تعالى: أولئك كالانعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون.
يعني جل ثناؤه بقوله: أولئك كالانعام هؤلاء الذين ذرأهم لجهنم هم كالانعام، وهي البهائم التي لا تفقه ما يقال لها ولا تفهم ما أبصرته مما يصلح وما لا يصلح ولا تعقل بقلوبها الخير من الشر فتميز بينهما، فشبههم الله بها، إذ كانوا لا يتذكرون ما يرون بأبصارهم من حججه، ولا يتفكرون فيما يسمعون من آي كتابه. ثم قال: بل هم أضل يقول: هؤلاء الكفرة الذين ذرأهم لجهنم أشد ذهابا عن الحق وألزم لطريق الباطل من البهائم، لان البهائم لا اختيار لها ولا تمييز فتختار وتميز، وإنما هي مسخرة ومع ذلك تهرب من المضار وتطلب لأنفسها من الغذاء الأصلح. والذين وصف الله صفتهم في هذه الآية، مع ما أعطوا من الافهام والعقول المميزة بين المصالح والمضار، تترك ما فيه صلاح