حدثنا محمد بن سيار، قال: ثنا إسحاق بن إدريس، قال: ثنا سعيد بن زيد، قال: ثنا مجالد بن سعيد، عن قيس بن أبي حازم، قال: سمعت أبا بكر يقول وهو يخطب الناس: يا أيها الناس إنكم تقرأون هذه الآية، ولا تدرون ما هي: يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم وإني سمعت رسول الله (ص) يقول: إن الناس إذا رأوا منكرا فلم يغيروه عمهم الله بعقاب.
وقال آخرون: بل معنى هذه الآية: لا يضركم من حاد عن قصد السبيل وكفر بالله من أهل الكتاب. ذكر من قال ذلك:
10033 - حدثني يعقوب، قال: ثنا هشيم، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، في قوله: لا يضركم من ضل إذا اهتديتم قال: يعني: من ضل من أهل الكتاب.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير في هذه الآية: لا يضركم من ضل إذا اهتديتم قال: أنزلت في أهل الكتاب.
وقال آخرون: عني بذلك كل من ضل عن دين الله الحق. ذكر من قال ذلك:
10034 - حدثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم قال:
كان الرجل إذا أسلم، قالوا له: سفهت آباءك وضللتهم، وفعلت وفعلت، وجعلت آباءك كذا وكذا، كان ينبغي لك أن تنصرهم وتفعل فقال الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم.
وأولى هذه الأقوال، وأصح التأويلات عندنا بتأويل هذه الآية ما روي عن أبي بكر الصديق فيها، وهو: يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم: ألزموا العمل بطاعة الله، وبما أمركم به، وانتهوا عما نهاكم الله عنه. لا يضركم من ضل إذا اهتديتم يقول: فإنه لا يضركم ضلال من ضل إذا أنتم رمتم العمل بطاعة الله، وأديتم فيمن ضل من الناس ما ألزمكم الله به فيه من فرض الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الذي يركبه أو يحاول ركوبه، والاخذ على يديه إذا رام ظلما لمسلم أو معاهد ومنعه منه فأبى النزوع عن ذلك، ولا ضير عليكم في تماديه في غيه وضلاله إذا أنتم اهتديتم وأديتم حق الله تعالى فيه.