فجعلت العين منه بالكسرة ياء، كما قيل في مصدر: قمت قياما، وصمت صياما، فحولت العين من الفعل وهي واء ياء لكسرة فائه، وإنما هو في الأصل: قمت قواما، وصمت صواما. وكذلك قوله: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس فحولت واوها ياء، إذ هي قوام. وقد جاء ذلك من كلامهم مقولا على أصله الذي هو أصله، قال الراجز:
(قوام دنيا وقوام دين) فجاء به بالواو على أصله. وجعل تعالى ذكره الكعبة والشهر الحرام والهدي والقلائد قواما لمن كان يحترم ذلك من العرب ويعظمه، بمنزلة الرئيس الذي يقوم به أمر تباعه.
وأما الكعبة فالحرم كله، وسماها الله تعالى حراما لتحريمه إياها أن يصاد صيدها أو يختلى خلاها أو يعضد شجرها. وقد بينا ذلك بشواهده فيما مضى قبل.
وقوله: والشهر الحرام والهدي والقلائد يقول تعالى ذكره: وجعل الشهر الحرام والهدي والقلائد أيضا قياما للناس، كما جعل الكعبة البيت الحرام لهم قياما. والناس الذين جعل ذلك لهم قياما مختلف فيهم، فقال بعضهم: جعل الله ذلك في الجاهلية قياما للناس كلهم. وقال بعضهم: بل عنى به العرب خاصة. وبمثل الذي قلنا في تأويل القوام قال أهل التأويل. ذكر من قال: عنى الله تعالى بقوله: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس القوام على نحو ما قلنا:
9961 - حدثنا هناد، قال: ثنا ابن أبي زائدة، قال: أخبرنا من سمع خصيفا يحدث عن مجاهد في: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس قال: قواما للناس.
9962 - حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا عبيد الله، عن إسرائيل، عن خصيف، عن سعيد بن جبير: قياما للناس قال: صلاحا لدينهم.
9963 - حدثنا هناد، قال: ثنا ابن أبي زائدة، قال: أخبرنا داود، عن ابن جريج، عن مجاهد في: جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس قال: حين لا يرجون جنة ولا يخافون نارا، فشدد الله ذلك بالاسلام.