9985 - حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا يزيد بن هارون، عن ابن عون، عن عكرمة عن الأعمش، قال: هو الذي سأل رسول الله (ص): من أبي؟. وقال سعيد بن جبير: هم الذين سألوا رسول الله (ص) عن البحيرة والسائبة.
وأولى الأقوال بالصواب في ذلك قول من قال: نزلت هذه الآية من أجل إكثار السائلين رسول الله (ص) المسائل، كمسألة ابن حذافة إياه من أبوه، ومسألة سائله إذ قال:
إن الله فرض عليكم الحج: أفي كل عام؟ وما أشبه ذلك من المسائل، لتظاهر الاخبار بذلك عن الصحابة والتابعين وعامة أهل التأويل، وأما القول الذي رواه مجاهد عن ابن عباس، فقول غير بعيد من الصواب، ولكن الاخبار المتظاهرة عن الصحابة والتابعين بخلافه، وكرهنا القول به من أجل ذلك. على أنه غير مستنكر أن تكون المسألة عن البحيرة والسائبة والوصيلة والحام كانت فيما سألوا النبي (ص) عنه من المسائل التي كره الله لهم السؤال عنها، كما كره الله لهم المسألة عن الحج، أكل عام هو أم عاما واحدا؟ وكما كره لعبد الله بن حذافة مسألته عن أبيه، فنزلت الآية بالنهي عن المسائل لها، فأخبر كل مخبر منهم ببعض ما نزلت الآية من أجله وأجل غيره. وهذا القول أولى الأقوال في ذلك عندي بالصحة، لان مخارج الاخبار بجميع المعاني التي ذكرت صحاح، فتوجيهها إلى الصواب من وجودها أولى.
القول في تأويل قوله تعالى: وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم عفا الله عنها والله غفور حليم:
يقول تعالى ذكره للذين نهاهم من أصحاب رسول الله (ص)، عن مسألة رسول الله (ص)، عما نهاهم عن مسألتهم إياه عنه، من فرائض لم يفرضها الله عليهم، وتحليل أمور لهم يحللها لهم، وتحريم أشياء لم يحرمها عليهم قبل نزول القرآن بذلك:
أيها المؤمنون السائلون عما سألوا عنه رسولي مما لم أنزل به كتابا ولا حيا، لا تسألوا عنه، فإنكم إن أظهر ذلك لكم تبيان بوحي وتنزيل ساءكم لان التنزيل بذلك إذا جاءكم يجيئكم بما فيه امتحانكم واختباركم، إما بإيجاب عمل عليكم، ولزوم فرض لكم، وفي ذلك عليكم مشقة ولزوم مؤنة وكلفة وإما بتحريم ما لو لم يأتكم بتحريمه وحي كنتم من التقدم عليه في فسحة وسعة وإما بتحليل ما تعتقدون تحريمه، وفي ذلك لكم مساءة لنقلكم عما كنتم ترونه حقا إلى ما كنتم ترونه باطلا، ولكنكم إن سألتم عنها بعد نزول القرآن بها وبعد ابتدائكم شأن أمرها في كتابي إلى رسولي إليكم، بين لكم ما أنزلته إليه من إتيان كتابي