خشونة وتهديد آزر بالعكس، ووعده بالاستغفار وطلب مغفرة الله له.
وهنا يطرح سؤال، وهو: لماذا وعد إبراهيم آزر بالاستغفار مع أنا نعلم أن آزر لم يؤمن أبدا، ولا يجوز الاستغفار للمشركين طبقا لصريح الآية (113) من سورة التوبة؟
وقد ذكرنا جواب هذا السؤال بصورة مفصلة في ذيل تلك الآية في سورة التوبة.
ثم يقول: وأعتزلكم وما تدعون من دون الله أي الأصنام وأدعو ربي عسى أن لا أكون بدعاء ربي شقيا.
تبين هذه الآية من جهة أدب إبراهيم في مقابل آزر الذي قال: " اهجرني " فقبل إبراهيم ذلك. ومن جهة أخرى فإنها تبين حزمه في عقيدته، فإن ابتعادي هذا عنك لم يكن من أجل حيادي عن اعتقادي الراسخ بالتوحيد، بل لأنك لا تملك الأهلية لتقبل الحق، ولذلك فإني سأثبت على اعتقادي.
ويقول بصورة ضمنية بأني إذا دعوت ربي فإنه سيجيب دعوتي، أما أنتم المساكين الذين تدعون من هو أكثر مسكنة منكم، فلا يستجاب دعاؤكم مطلقا، بل ولا يسمع كلامكم أبدا.
لقد وفى إبراهيم بقوله، وثبت على عقيدته بكل صلابة وصمود، وكان دائما ينادي بالتوحيد، بالرغم من أن كل ذلك المجتمع الفاسد في ذلك اليوم قد وقف ضده وثار عليه، إلا أنه لم يبق وحده في النهاية، فقد وجد أتباعا كثيرين على مر القرون والأعصار، بحيث أن كل الموحدين وعباد الله في العالم يفتخرون بوجوده.
يقول القرآن الكريم: فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله وهبنا له إسحاق ويعقوب وكلا جعلنا نبيا فالبرغم من أن الفترة التي وهب الله بها لإبراهيم إسحاق، ثم يعقوب - ابن إسحاق - قد استغرقت زمنا طويلا، إلا أن هذه