في هذا المعنى، لأن هذه الكلمة إذا كانت مجردة عن القرائن الأخرى، فإنها تعني إرث الأموال، أما في موارد استعمالها في بعض آيات القرآن في الأمور المعنوية، كالآية (32) من سورة فاطر: ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فلوجود القرائن في مثل هذه الموارد.
إضافة إلى أنه يستفاد من قسم من الروايات أن هدايا ونذورا كثيرة كانت تجلب إلى الأحبار - وهم علماء اليهود - في زمان بني إسرائيل، وكان زكريا رئيس الأحبار (1).
وإذا تجاوزنا ذلك، فإن زوجة زكريا كانت من أسرة سليمان بن داود، وبملاحظة الثروة الطائلة لسليمان بن داود، فقد كان لها نصيب منها.
لقد كان زكريا خائفا من وقوع هذه الأموال بأيدي أناس غير صالحين، وانتهازيين، أو أن تقع بأيدي الفساق والفجرة، فتكون بنفسها سببا لنشوء وانتشار الفساد في المجتمع، لذلك طلب من ربه أن يرزقه ولدا صالحا ليرث هذه الأموال وينظر فيها، ويصرفها في أفضل الموارد.
الرواية المعروفة المروية عن فاطمة الزهراء (عليها السلام)، والتي استدلت فيها بهذه الآية من أجل استرجاع فدك، هي شاهد آخر على هذا المدعى.
ينقل العلامة الطبرسي في كتاب الإحتجاج عن سيدة النساء (عليها السلام): إنه عندما صمم الخليفة الأول على منع فاطمة الزهراء (عليها السلام) فدكا، وبلغ ذلك فاطمة، حضرت عنده وقالت: " يا أبا بكر! أفي كتاب الله أن ترث أباك ولا أرث أبي؟ لقد جئت شيئا فريا! أفعلى عمد تركتم كتاب الله ونبذتموه وراء ظهوركم إذ يقول فيما اقتص من خبر يحيى بن زكريا: إذ قال رب هب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب؟ (2).