ووجد عندها قوما أي مجموعة من الناس فيهم الصالح والطالح، هؤلاء القوم هم الذين خاطب الله ذا القرنين في شأنهم: قلنا يا ذا القرنين إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا (1).
ويرى بعض المفسرين في كلمة (قلنا) دليلا على نبوة ذي القرنين. ولكن من المحتمل أن يكون المقصود بهذا التعبير هو الإلهام القلبي الذي يمنحه الخالق جل وعلا لغير الأنبياء أيضا، هذا وليس بالإمكان انكار أن التعبير الآنف الذكر يشير بالفعل إلى معنى النبوة.
بعد ذلك تحكي الآيات جواب " ذي القرنين " الذي قال: قال أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابا نكرا (2). أي إن الظالمين سينالون العذاب الدنيوي والأخروي معا.
وأما من آمن وعمل صالحا فله جزاء الحسنى.
وسنقول له من أمرنا يسرا.
أي أننا سنتعامل معه بالقول الحسن، فضلا عن أننا سنخفف عنه ولا نجعله يواجه المشاكل والصعاب، بالإضافة إلى أننا سوف لن نجبي منه ضرائب كثيرة.
والظاهر أن ذا القرنين أراد من ذلك أن الناس سينقسمون مقابل دعوتي إلى التوحيد والإيمان والنهي عن الظلم والفساد إلى مجموعتين، الأولى: هي المجموعة التي سترحب ببرنامجه الإلهي ودعوته للتوحيد والإيمان وهذه ستجزى بالحسنى وستعيش حياة آمنة ومطمئنة. أما الثانية: فستتخذ موقفا عدائيا من دعوة ذي القرنين وتقف في الجبهة المناوئة، وتستمر في شركها