3 - قسم من مرحلة ما بعد البعث.
الآية الأولى تذكر الإنسان بمقدمات البعث والقيامة فتقول: إن انهيار معالم الشكل الراهن للعالم هي أول مقدمات البعث، وسيتم هذا التغيير لشكل العالم من خلال مجموعة مظاهر، في الطليعة منها تسيير الجبال الرواسي وكل ما يمسك الأرض ويبرز عليها، حتى تبدو الأرض خالية من أي من المظاهر السابقة:
ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة.
هذه الآية تشير إلى حوادث قبيل البعث، وهي حوادث كثيرة جدا.
والملاحظ أن السور القصار تتحدث عنها بشكل بارز في إطار حديثها عما بات يعرف اصطلاحا ب " أشراط الساعة ".
إن المستفاد من مجموعة تلك السور أن وجه العالم الراهن يتغير بشكل كلي حيث تتلاشي الجبال، وتنهار الأبنية والأشجار، ثم تضرب الأرض سلسلة من الزلازل، وتنطفئ الشمس، ويخمد نور القمر، وتظلم النجوم. وعلى حطام كل ذلك تظهر إلى الوجود سماء جديدة، وأرض جديدة، ليبدأ الإنسان حينئذ حياته الأخرى في مرحلة البعث والحساب.
بعد ذلك تضيف الآية قوله تعالى: وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا.
" نغادر " من " غدر " بمعنى الترك. ولذلك يقال للذي يخلف الوعد والميثاق ويتركه بأنه " غدر " ويقال لمياه الأمطار المتجمعة في مكان واحد ب " الغدير " لأنها قد تركت هناك.
في كل الأحوال، تؤكد الآية الآنفة الذكر على أن المعاد هو حالة عامة لا يستثنى منها أحد.
الآية التي بعدها تتحدث عن كيفية بعث الناس فتقول: وعرضوا على ربك صفا. إن استخدام هذا التعبير قد يكون إشارة إلى حشر كل مجموعة من الناس تتشابه في أعمالها في صف واحد، أو أن الجميع سيكونون في صف واحد دون