(فتى) وهي تعني الشاب الحدث. وبما أن الجسم يكون قويا في مرحلة الشباب، فهو على استعداد لقبول نور الحق، ومنبع للحب والسخاء والعفة. ولذا كثيرا ما تستخدم كلمة (الفتى والفتوة) للتدليل على مجموع هذه الصفات حتى لو كان أصحابها من المسنين.
وتشير الآيات القرآنية - وما هو ثابت في التأريخ - إلى أن أصحاب الكهف كانوا يعيشون في بيئة فاسدة وزمان شاعت فيه عبادة الأصنام والكفر، وكانت هناك حكومة ظالمة تحتمي مظاهر الشرك والكفر والانحراف.
مجموعة أهل الكهف - الذين كانوا على مستوى من العقل والصدق - أحسوا بالفساد وقرروا القيام ضد هذا المجتمع، وفي حال عدم تمكنهم من المواجهة والتغيير فإنهم سيهجرون هذا المجتمع والمحيط الفاسد.
لذا يقول القرآن بعد البحث السابق: وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا ربنا رب السماوات والأرض لن ندعو من دونه إلها.
فإذا عبدنا غيره: لقد قلنا إذا شططا.
نستفيد من تعبير ربطنا على قلوبهم أن بذرة التوحيد وفكرته كانت منذ البداية مرتكزة في قلوبهم، إلا أنهم لم تكن لديهم القدرة على إظهارها والتجاهر بها. ولكن الله بتقوية قلوبهم أعطاهم القدرة على أن ينهضوا ويعلنوا علانية نداء التوحيد.
وليس من الواضح فيما إذا كان هذا الإعلان قد تم أولا أمام ملك زمانهم الظالم (دقيانوس) أو أنه تم أمام الناس، أو أمام الاثنين معا (الحاكم الظالم والناس) أو أنهم تجاهروا به فيما بينهم أنفسهم؟
لكن يظهر من كلمة (قاموا) أن إعلانهم كان وسط الناس، أو أمام السلطان الظالم.
(شطط) على وزن (وسط) تعني الخروج عن الحد والإفراط في الابتعاد لذا