2 التفسير 3 بداية قصة أصحاب الكهف في الآيات السابقة كانت هناك صورة للحياة الدينا، وكيفية اختبار الناس فيها، ومسير حياتهم عليها، ولأن القرآن غالبا ما يقوم بضرب الأمثلة للقضايا الحساسة، أو أنه يذكر نماذج من التأريخ لتجسيد الوعي بالقضية، لذا قام في هذه السورة بتوضيح قصة أصحاب الكهف، وعبرت عنهم الآيات بأنهم (أنموذج) أو (أسوة).
إنهم مجموعة من الفتية الأذكياء المؤمنين، الذين كانوا يعيشون في ظل حياة مترفة بالزينة وأنواع النعم، إلا أنهم انسلخوا من كل ذلك لأجل حفظ عقيدتهم وللصراع ضد الطاغوت، طاغوت زمانهم، وذهبوا إلى غار خال من جميع أشكال الزينة والنعم، وقد أثبتوا بهذا المسلك أمر استقامتهم في سبيل الإيمان والثبات عليه.
الملفت للنظر أن القرآن ذكر في البداية قصة هذه المجموعة من الفتية بشكل مجمل، موظفا بذلك أحد أصول فن الفصاحة والبلاغة، وذلك لتهيئة أذهان المستمعين ضمن أربع آيات، ثم بعد ذلك ذكر التفاصيل في (14) آية.
في البداية يقول تعالى: أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا. إن لنا آيات أكثر عجبا في السماوات والأرض، وإن كل واحد منها نموذج لعظمة الخالق جل وعلا، وفي حياتكم - أيضا - أسرار عجيبة تعتبر كل واحدة منها علامة على صدق دعوتك، وفي كتابك السماوي الكبير هذه آيات عجيبة كثيرة، وبالطبع فإن قصة أصحاب الكهف ليست بأعجب منها.
أما لماذا سميت هذه المجموعة بأصحاب الكهف؟ فذلك يعود إلى لجوئهم إلى الغار كي ينقذوا أنفسهم، كما سيأتي ذلك لاحقا إن شاء الله.