تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ٢ - الصفحة ٨٩
[ويكلم الناس في المهد وكهلا ومن الصالحين (46) قالت رب أنى يكون ولد ولم يمسسني بشر قال كذلك الله يخلق ما يشاء إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون (47) ويعلمه الكتب والحكمة و التورة والإنجيل (48)] ويكلم الناس في المهد وكهلا: أي حال كونه طفلا وكهلا كلام الأنبياء من غير تفاوت.
وفي أصول الكافي: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد عيسى، عن ابن محبوب عن هشام بن سالم، عن يزيد الكناسي، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) أكان عيسى بن مريم حين تكلم في المهد حجة الله على أهل زمانه؟ فقال:
كان يومئذ نبيا حجة الله غير مرسل (1)، أما تسمع لقوله حين قال: " أني عبد الله أتاني الكتاب وجعلني نبيا وجعلني مباركا أينما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا " (2). والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.

(١) قوله (غير مرسل) إذ لم يرسل إليه الإنجيل في تلك الحال ولم يكن مأمورا بأحكامه وتبليغه ولكن كان نبيا عالما بالتوراة تابعا لها، وقال: (إني عبد الله) قدم العبودية على إعطاء الكتاب والنبوة، لتقدمها في الواقع، وليندفع توهم ربوبيته أول مرة، وأراد بالكتاب التوراة. وفي لفظ الماضي حيث قال: (آتاني وجعلني) دلالة واضحة على أنه كان حين التكلم نبيا عالما بالتوراة. ولو أريد بالكتاب الإنجيل كما زعم، لاشكل، لأنه إن أعطي الإنجيل كما جعل نبيا في ذلك الوقت لكان رسولا، فلا يوافق قوله (غير مرسل) اللهم إلا أن يحمل قوله (أتاني الكتاب) على مجاز المشارفة، أو على أن محقق الوقوع كالواقع، أو على القضاء السابق بقرينة عدم إرسال الإنجيل إليه في ذلك ولا يلزم منه أن يحمل قوله (وجعلني نبيا) على هذه الأمور، لعدم وجود قرينة صارفة له عن ظاهره، وبالجملة حمل أحد اللفظين المتجاورين على المجاز لقرينة، لا يوجب حمل الآخر عليه مع عدمها (شرح أصول الكافي للمازندراني: ج ٦ ص ٣٤٨).
(٢) الكافي: ج ١ ص ٣٨٢ كتاب الحجة باب حالات الأئمة في السن قطعة من ح 1.
(٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 ... » »»
الفهرست