واتخذ الله إبراهيم خليلا: اصطفاه وخصصه بكرامة الخلة.
وإنما ذكره ولم يضمر، تفخيما له، وتنصيصا على أنه الممدوح.
قيل: والخلة، إما من الخلال، فإنه ود يخلل النفس ويخالطها، أو من الخلل فإن كل واحد من الخليلين يسد خلل الآخر، أو من الخل وهو الطريق في الرمل، فإنهما يتوافقان الطريقة، أو من الخلة بمعنى الخصلة، فإنهما يتوافقان في الخصال.
والجملة استئناف جئ بها للترغيب في اتباع ملته، والايذان بأنه نهاية في الحسن وغاية في كمال البشر (1).
في روضة الكافي: أبان بن عثمان، عن محمد بن مروان، عمن رواه عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لما اتخذ الله (عز وجل) إبراهيم خليلا أتاه بشراه بالخلة، فجاءه ملك الموت في صورة شاب أبيض عليه ثوبان أبيضا يقطر رأسه ماء ودهنا، فدخل إبراهيم (عليه السلام) الدار فاستقبله خارجا من الدار، وكان إبراهيم (عليه السلام) رجلا غيورا، وكان إذا خرج في حاجة أغلق بابه وأخذ مفتاحه معه، ثم رجع ففتح فإذا هو برجل قائم أحسن ما يكون من الرجال، فأخذ بيده وقال:
يا عبد الله من أدخلك داري؟ فقال: ربها أدخلنيها، فقال: ربها أحق بها مني؟ فمن أنت؟ قال: أنا ملك الموت، ففزع إبراهيم (عليه السلام) وقال. جئتني لتسلبني روحي؟ قال: لا، ولا كن اتخذ الله عبدا خليلا، فجئت لبشارته، قال: فمن هو لعلي أخدمه حتى أموت؟ قال: أنت هو، فدخل على سارة، فقال لها: أن الله (تبارك وتعالى) اتخذني خليلا (2).
وفي كتاب الإحتجاج للطبرسي (رحمه الله): في حديث طويل عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): يقول فيه (عليه السلام): قولنا: إن إبراهيم خليل الله، فإنما هو مشتق من الخلة أو الخلة (3)، والخلة إنما معناها الفقر والفاقة، فقد كان