تعالى خذل أنبياءه ونصر أعداءه، بل الكل قائل بأن الله تعالى ناصر بأنبيائه وأوليائه ومانع عنهم وخاذل لعدوهم.
وإن امتنع الاقرار بذلك والتصريح به وقال: إنهم مع قتلهم والظلم لهم منصورون مؤيدون.
قيل لهم: أفليس قد ثبت بهذا الاقرار منك أن القتل والظلم لا يوجب القول بأن الله مكن من قتل أنبيائه، وأنه خذل رسله ولم ينصرهم، وإن قتلهم أعداؤهم وظلموهم.
فإذا قال: نعم.
قيل: فهلا سوغت مثل ذلك فيما جرى على الأئمة عليهم السلام من القتل والظلم، وأنه غير مبني عن التمكين منهم والخذلان لهم، وجعلت ما نالهم من القتل والظلم من أعدائهم كالذي نال الأنبياء والرسل من أعدائهم في أنه غير موجب للتمكين منهم والخذلان لهم.
فإن قال: من ذكرتموه من الأنبياء والرسل لما قتلوا أو ظلموا أهلك الله قاتلهم واستأصل ظالمهم، فعلم بذلك أنه غير متمكن منه وخاذل لهم.
قيل له: أول ما يسقط ما ذكرته أنه تعالى لم يهلك جميع من قتل الأنبياء، ولا استأصل كل من ظلمهم، بل الذي أهلك منهم قليل من كثير، لأنه لو أثر ذلك لكان ملجئا "، ولبطل التكليف الذي أوكد شروطه التخيير، وتردد الدواعي المنافي للالجاء.
وأيضا " فإن الهلاك والاستيصال لمن أهلكه استأصله ليس يمنع من قتل الأنبياء عن قتلهم، ولا حيلولة بينهم وبين من ظلمهم، وكيف يكون الهلاك المتأخر عن القتل والظلم منعا " مما تقدم وجوده وحيلولة بينه وبينه، والمنع