وهو حسبي ونعم الوكيل.
(متشابه فاتحة الكتاب) إن سأل سائل فقال: ما الوجه في تكرير قوله تعالى (الرحمن الرحيم) وكلاهما يفيد معنى واحد، واشتقاقهما من الرحمة، وقد كان في ذكر أحدهما كفاية عن الآخر.
الجواب:
قلنا: في ذلك وجوه: أولها: أن قولنا (الرحمن) أبلغ في المعنى وأشد قوة من قولنا (الرحيم) وهذا المثال مما وضعه أهل اللغة للمبالغة والقوة، ألا ترى أنهم يقولون سكران وغضبان وعطشان [وجوعان] لمن امتلئ سكرا " وغضبا " وعطشا " واشتد جوعه، وهذا الوجه ذكره المبرد.
وثانيها: أن (الرحمن) يفيد عموم الرحمة بالعباد في الدنيا، و (الرحيم) يختص بالمؤمنين في الآخرة، يقوى هذا الوجه في قوله تعالى (وكان بالمؤمنين رحيما ") فإذا كان بينهما هذا الفرق فذكرهما واجب.
وثالثها: أن قولنا (رحمن) يشترك فيه اللغة العربية والعبرانية والسريانية، وقولنا (رحيم) يختص بالعربية، فأراد تعالى أن يصف، فعبر بالرحمة بالوصف الخاص والمشترك حتى لا تبقى شبهة.
ورابعها: أن (الرحمن) من الأوصاف التي يختص بها القديم تعالى، ولا يجوز أن يسمى بها غيره و (الرحيم) يختص به وبغيره يشترك بينه وبين