الممكن، دون الرجوع إلى حال ما تمكن به، فإن علم من قصده وغرضه وإن لم يعلم ضرورة استدل بحال الممكن وبما يتبع ما مكن به من أمر ونهي وترغيب ودعاء وحث ووعد، إلى غير ذلك مما ينبئ عن قصده ويوضح عن غرضه، ويتبع الإطلاق والوصف له.
وقد ثبت أن الله تعالى لا قصد له إلى القبيح، فلا غرض له فيه، لأنه عالم بقبحه ونفيناه عنه، ولمقارنة الأمر والترغيب والدعاء والحث والزجر والوعد بالثواب للواجبات والمحسنات، ولمقارنة النهي والتخويف والزجر والوعيد للمقبحات، علم أنه مكن من الطاعات دون المعصية، وجب إطلاق ذلك دون غيره.
فإن قيل: فهلا مكن تعالى بما يصلح للطاعة دون المعصية والايمان دون الكفر والحسن دون القبح.
قيل له: هذا خلف من القول وتناقض في المعنى، لأن ما مكن به يصلح لجميع ذلك لنفسه وعيد (1) ولأنه لو اختص بالشئ دون تركه وخلافه، لكان الممكن مطبوعا ".
ولو كان مطبوعا " لم يصح الوصف لفعله بالحسن والقبح والطاعة والمعصية والايمان والكفر، كما لا يصح ذلك في إحراق النار وبرد الثلج وهد الحجر وجريان الماء [و] لبطل التكليف والأمر والنهي والمدح والذم والثواب والعقاب، لأن جميع هذه الأحكام يثبت مع الايثار والتخير، ويرتفع مع الطبع والخلقة وزوال التخير.
فلا بد على هذا من تعلق التمكين بالفعل وتركه وخلافه وضده، ليصح