موضوع على مدحها واطرائها، وأي فضل لها في أن يكون خيرا " من المعاصي وإنما الفضل في أن تكون خيرا " مما فيه خير.
فسئلت حينئذ ذكر الوجه الذي عندي، فقلت: لا تحمل لفظه (خير) في الخبر على معنى (أفعل) الذي هو للتفضيل والترجيح، وقد سقطت الشبهة.
ويكون معنى الكلام: إن نية المؤمن من جملة الخبر من أفعاله، حتى لا يقدر مقدر أن النية لا يدخلها الخير والشر، كما يدخل ذلك في الأعمال.
فاستحسن هذا الوجه الذي لا يحوج إلى التعسف والتكلف اللذين يحتاج إليهما إذا جعلنا لفظة (خير) معناها معنى أفعل.
وانقطع الكلام لدخول الوقت السعيد المختار لدخول البلد ونهوض الحضرة السامية أدام الله سلطانها للركوب، وكان في نفسي أن أذكر شواهد لهذا الوجه، ولو أحق تقتضيها الكلام.
وخطر بعد ذلك ببالي (إن شاء الله) وجهان سليمان من الطعن إذا حملنا لفظة (خير) في الخبر على معنى الترجيح والتفضيل، وأنا أذكر ذلك: أما شواهد ما استخرجته من التأويل من حمل لفظة (خير) على غير معنى التفضيل والترجيح فكثيرة.
وقد ذكرت ذلك في كتابي المعروف ب (الغرر) في تأويل قوله تعالى (ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا) من الكلام على هذا الوجه ما استوفيته، وذكرت قول المتنبي.
أبعد بعدت بياضا لا بياض له لأنت أسود في عيني من الظلم وأن الألوان لا يتعجب منها بلفظ (أفعل) الموضوع للمبالغة، وكذلك الخلق كلها، وإنما يقال: ما أشد سواده، وإن معنى البيت ما ذكره أبو الفتح عثمان بن جني من أنه أراد أنك أسود من جملة الظلم، كما يقال: حر من الأحرار