فغير صحيح، لأن سخط أمير المؤمنين عليه السلام وتأخره عن البيعة وإظهار الغضب لما عقد الأمر لغيره هو المعلوم ضرورة والذي لا خلاف بين العقلاء فيه، ثم كف بعد ذلك عن اظهار المنازعة والمجاذبة، وإن كان عليه السلام في خلواته وبين أصحابه وثقاته يتألم ويتظلم ويقول أقوالا مروية.
فمن ادعى من مخالفينا بعد إجماعهم معنا على أنه عليه السلام كان ساخطا " كارها " أنه رضي بقلبه وسلم في سره، فعليه الدلالة، لأنه قد ادعى بالظاهر خلافه.
والذي يعتمد عليه في أنه عليه السلام كان ساخطا " كارها " بقلبه وإن كان ممسكا "، أنه قد ثبت أن النبي صلى الله عليه وآله نص عليه بالإمامة في مقام بعد مقام ومقال بعد مقال، وبما رواه المخالف والموافق، كخبر الغدير وقصة تبوك ومما هو ظاهر في الرواية الخاصة وإن كان قليلا في العامة خبر يوم الدار.
وإذا ثبت أنه الإمام فلا بد من أن يكون كارها " لعقد الإمامة لغيره، وأن يكون ما فعله من اظهار البيعة، إنما هو للتقية والضرورة، فإن شك مخالفونا في النص دللناهم عليه وأوضحناه لهم، فإن الكلام سبب والنص أوضح من الكلام نفسه.
والسبب في إمساكه فلا شبهة في أن ذلك كله بغير الرضا والتسليم، وإذا لم يسلمونا النص كان كلامهم في سبب البيعة وعلة الامساك لغوا " وعبثا "، لأن من ليس بمنصوص عليه ولاحظ له في الإمامة لا يقال: لم لا يغالب عليها ويحارب ولا يتعجب من مبايعته وموافقته. على أن اظهار أمير المؤمنين (ع) بيعة المتقدمين عليه وإمساكه عن مجاهدتهم وكفه عن مكاشفتهم، كان مثل فعل الحسن عليه السلام مع معاوية وبيعة الأمة بأسرها وفيهم الصالحون والخيرون الفاضلون لمعاوية وابنه يزيد من بعده، وجميع من ولي الأمر من بني مروان، ومخاطبتهم (1)