ما دعاك إلى أن لا تسجد؟ وما أمر أن لا تسجد؟ لأن من منع من شئ فقد دعا إلى أن يفعل.
ومتى حملنا قوله تعالى (أن لا تشركوا به شيئا ") على أن لفظة (لا) زائدة على تضعيف قوم لذلك، فلا بد فيما اتصل به هذا الكلام من تقدير فعل آخر، وهو قوله تعالى (وبالوالدين إحسانا ") لأن ذلك لا يجوز أن يكون معطوفا " على المحرم، فلا بد من إضمار وأوصينا (١) بالوالدين إحسانا ".
وإذا احتجنا إلى هذا الاضمار ولم يغننا عنه ما ارتكبناه من زيادة لفظة (لا) فالأولى أن نكتفي بهذا الاضمار في صدر الكتاب، ويبقى الكلام على حاله من غير القاء شئ منه ونقدر ما تقدم بيانه، فكأنه قال وصى أن لا تشركوا به شيئا " وبالوالدين إحسانا "، ويشهد لذلك بقوله آخر الآية.
مسألة [قولة تعالى (كذلك نولي بعض الظالمين بعضا ")] وسئل (قدس الله روحه) عن تأويل قوله تعالى ﴿وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا "﴾ (2) فقال فقد قيل فيها أقوال:
منها أن يحشر الظالمون مع أوليائهم فيدخلون النار إلى بيتهم في العقاب.
وقيل: يخلي الفراعنة ويوليهم على الظالمين ويمكنهم منه.
وقيل وجه آخر وهو أحسن: وهو ما بينه تعالى في موضع آخر بقوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء