وإن كان هو الإمام نفسه، فلا يجوز من الإمام وقوله الحجة في أحكام الشريعة أن يخلي سائر المكلفين من معرفة قوله، وأن يسلبهم الطريق إلى إصابة الحق الذي لا يوجد إلا في مذهبه، ويجب عليه اظهار قوله لكل مكلف حتى يتساوى من العلم به سماعا " وادراكا " ومنقولا من جهة الخبر كل من يلزمه ذلك الحكم ولهذا القول، متى علم الإمام أن شيئا " من الشرع قد انقطع نقله، وجب عليه أن يظهر لبيانه، ولا يسع له حينئذ التقية.
ولا فرق بين أن يخفي قوله وهو الحجة عن كثير من أهل التكليف حتى لا يكون لهم إليه طريق، وبين أن يرتفع عن الجميع. فلا بد على هذا التقدير أن يوصل الإمام قوله في الحوادث كلها إلى كل مكلف، ولا يجوز أن يختص بذلك بعض المكلفين دون بعض.
فقد برئنا من عهدة هذه الشبهة، وصح لنا القطع على إجماع الإمامية والاحتجاج به، ولم يضر أن يكون للإمامي قول يخالف ما نحن فيه، إذا فرضنا بعد مكانه وانقطاع الأخبار بيننا وبينه.
فأما الجواب عن هذه الشبهة التي يختص بها مخالفونا في الإمامة، مع تعويلهم على الإجماع والاحتجاج به وحاجتهم إلى بيان طريق يوصل إليه، فهو أن يقولوا: قد علمنا على الجملة إن الإجماع حجة في الشريعة، وأمرنا الله تعالى في كتابه وسنة نبيه عليه السلام بأن نعول عليه ونحتج به ونرجع إليه.
فكل طعن قدح في العلم به وشك في اساره (كذا)، (1) لا يجب الالتفات إليه، لأن الله تعالى لا يوجب علينا الاجتماع بما لا طريق إليه والتعويل على ما لا يصح إقراره وثبوته فإن كان قول القائل، لم يجب إيصاله بنا ولا نقله إلينا، إما لبعد مسافة، أو