ويجري ذلك مجرى موسى عليه السلام أن يريه الله تعالى نفسه لما شك قومه في ذلك، فسأل لهم لا لنفسه.
[قوله تعالى (وإذ أنجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب) الخ] وسأل أيضا " عن قول الله عز وجل ﴿وإذ أنجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم﴾ (1) فقال: أي شئ في استحياء النساء من سوء العذاب، وإنما العذاب في ذبح الأبناء.
فقال (رضوان الله عليه): أما قتل الذكور واستحياء الإناث فهو ضرب من العذاب والاضرار، لأن الرجال هم الذين يزعمون الناس عما... به من الشر، وهو واقع منهن في الأكثر مع الردع، فإذا انفردن وقع الشر بلا راع ولا مانع، وهذه مضرة عظيمة.
ووجه آخر: وهو أن الراجع إلى قوله تعالى (يسومونكم سوء العذاب) هو قتل الأبناء دون استحياء النساء، وإنما ذكر استحياء النساء لشرح كيفية الحال لا لأن ذلك من جملة العذاب، كما يقول أحدنا: فلان عذبني بأن أدخلني داره وعليه ثياب فلانية وضربني بالمقارع وفلان حاضر. وليس كل ما ذكره من جملة العذاب، وإنما ذكر العذاب هو الضرب دون غيره، وذكر الباقي على سبيل الشرح.
ووجه آخر: وهو أنه روي أنهم كانوا يقتلون الأبناء ويدخلون أيديهم في فروج النساء لاستخراج الأجنة من بطون الحوامل، فقيل: يستحيون من لفظ الحياء وهو الفرج وهو عذاب، ففي مثله ضرر شديد لا محالة.