ذلك على أبعد العاملين، فكيف لا يجوز لمن نصب أن يتأول ما ذكرناه من حمله على موضع الجار والمجرور، ويكون تأويله جائزا "، وإن لم يحمل على الباء التي هي أقرب إلى المعمول من قوله (اغسلوا).
ثم قال: القول في ذلك أنه رأى أن يحمله على الجر لا يستقيم في المعنى، وإنما يحمل على أقرب العاملين إذا كان الحمل عليه لا يفسد معنى، فإذا أدى ذلك فساد المعنى عنده لم يحمله على الأقرب.
ألا ترى أن ما تلوناه من الآي إنما حمل فيه على الثاني دون الأول، لأن الحمل على كل واحد منهما في المعنى مثل الحمل على الآخر، فلما كان كذلك أعمل الأقرب لقربه، إذا كانوا قد احتملوا لإيثارهم الحمل على الأقرب ما لا يصح في المعنى، كقوله غزل العنكبوت المزمل (1) ويروي نسج والمزمل من صفة الغزل، وحمله على العنكبوت من حيث كان أقرب إليه من الغزل، فإذا صح المعنى مع الأقرب فلا يذهب على ذلك.
الجواب: يقال له: أما صدر هذا الفصل من كلامك، فهو كله عليك، لأنك قد نطقت فيه بلسان من نص المسح في الآية، واستشهدت في أعمال الثاني من العاملين دون الأول، بما استشهدنا نحن به في نصرة هذه المسألة، والرد على من أوجب الغسل بها دون المسح، فكأنك على الحقيقة إنما حققت من وجوب أعمال العامل الثاني دون الأول، لما هو شاهد عليك لا لك.
ولما سألت نفسك عن السؤال الذي فطنت به ما حققته وبسطته لك، عدلت إلى دعوى طريقة... من أين لك بلوغها، لأنك قلت إنما يعمل الثاني دون الأول بحيث يستقيم المعنى ولا يفسد.
فمن أين قلت: إن القول بمسح الأرجل يؤل إلى فساد وأنه مما لا يستقيم أو ما كان جائزا " على جهة التقدير عند كل عاقل أن يعبر الله سبحانه نصا " صريحا "