ولن يستغني عن هذا الكتاب مبتد تعليما " وتبصرة، ومنته تنبيها " وتذكرة.
ومن الله استمد المعونة والتوفيق، وما المرجو لهما إلا فضله وما المعلق بهما إلا حبله، وهو حسبي ونعم الوكيل.
باب (ما يجب اعتقاده في أبواب التوحيد) الأجسام محدثة، لأنها لم تسبق الحوادث، فلها حكمها في الحدوث.
ولا بد لها من محدث كالصياغة والكتابة، ولا بد من كونه قادرا "، لتعذر الفعل على من لم يكن قادرا " ويتيسر على من كان كذلك.
ولا بد من كون محدثها عالما "، وهذا الضرب من التعلق لا يصلح إلا من الموجود كونه قديما "، لانتهاء الحوادث إليه.
ويجب كونه حيا "، وإلا لم يصح كونه قادرا " عالما " فضلا عن وجوبه.
ويجب أن يكون مدركا " إذ أوجد المدركات، لاقتضاء كونه حيا ".
ووجب كونه سميعا " بصيرا "، لأنه يجب أن يدرك المدركات إذا وجدت، وهذه فائدة قولنا سميع بصير ومن صفاته.
وإن كانتا عن علة كونه مريدا " وكارها "، لأنه تعالى قد أمر وأخبر ونهى، ولا يكون الأمر والخبر أمرا " ولا خبرا " إلا بإرادة، والنهي لا يكون نهيا " إلا بكراهة، ولا يجوز أن يستحق هاتين الصفتين لنفسه، لوجوب كونه مريدا " كارها " للشئ الواحد على الوجه الواحد، ولا لعلة قديمة لما سنبطل به الصفات القديمة ولا لعلة محدثة في غير حي لافتقاره الإرادة إلى نية، ولا لعلة موجودة في حي لوجوب رجوع حكمها إلى ذلك، فلم يبق إلا لأن توجد لا في محل.