سورة البقرة فإن قيل: كيف يجوز أن يسمي الله تعالى السور بهذه الأسماء؟ ولم تجر عادة العرب أن يسموا بمثلها، والقرآن بلغتهم.
قلنا: ليس في الأسماء حطة، ولا يجب فيه الاتباع والاقتداء، ولهذا جاز أن يحدث أهل كل صناعة لما عرفوه من الآلات والأدوات أسماء، وإن لم تكن تلك الأسماء في اللغة أسماء لتلك المسميات، وقد يجوز أن يسمي أحدنا ولده ما لم يسبق إليه، ولا يكون بذلك معيبا ".
فإن قيل: كيف يجوز أن تكون هذه الحروف أسماء للسور مع اشتراك جماعة من السور في بعضها وخلو كثير من السور من شئ منها؟
قلنا: أما الاشتراك فغير ممتنع أسماء الألقاب، وإن كان الألقاب في الأصل (1).
إذا كانت للتميز ألا يقع فيها الاشتراك، ثم عند وقوع الاشتراك فيها فزعوا إلى الصفات، ولهذا قالوا: زيد الطويل العاقل، وألحقوا الصفة لما وقع الاشتراك في الاسم، ولو لم يكن في العالم إلا زيد واحد، لما احتاجوا إلى الصفة.
وهكذا السور، لما وقع الاشتراك في أسمائها ألحقوا بها ما بينه على التمييز، فقالوا: الدخان والزخرف وما أشبه ذلك، ولم يحتاجوا إلى ذلك فيما ينفرد بلقبه، كصاد وقاف وطه وما جرى مجراهن.
فأما خلو بعض السور من اسم، لأن وضع الأسماء في الأصل غير واجب، وإذا كان جاز (2) أن يختص مسمى دون غيره.