قبل الزوال وكذا من الجاهل إذ أعلم ويمكن منع الأولوية وبدونها لا يفيد القياس ولكن لا يبعد القول بأنه يفهم من جملة الاخبار إن وقت النية يمتد إلى الزوال مع العذر واحتج في المختلف لمن قال بعدم الصحة بأنه لم يأت بالشرط فلا يخرج عن عهدة التكليف بالمشروط وفي أن من المعلوم أن لا تكليف عليه عاجلا إلا بالامساك عند التذكر والمفروض أنه قد خرج عن عهدته وإيجاب القضاء يحتاج إلى دليل شرعي وهو منفى وشمول الاجماع الواقع على وجوبه على كل تارك للصوم لذلك مع كما شهرة القول بسقوط عنه مستبعد لا يقال إلا دليل على أن هذا الامساك صوم شرعا مع خلو بعض النهار عن شرطه فيكون تاركا للصوم فيجب عليه القضاء بحكم الاجماع ووجه شهرة الحكم بسقوطه إن وقت النية للناسي عند التذكر إلى الزوال عندهم وحيث لا دليل عليه شرعا كما عرفت فلا وجه لهذا الحكم ولا تخل هذه الشهرة بدخوله تحت الاجماع لأنا نقول إنا لا نعلم أنه ليس صوما شرعا لوقوع الصوم الواجب والمستحب كذلك شرعا فلا يمكننا الحكم بوجوب القضاء عليه بمجرد الاخلال الناشئ عن العذر بهذا الشرط المعلوم اشتراطه للخالي عن العذر لا مطلقا خصوصا مع شهرة القول باغتفار ذلك للناسي وأما عدم الصحة لو أوقعها بعد الزوال فالظاهر أنه إجماعي وخلاف ابن الجنيد في الفرض الغير المعين حيث قال ويستحب للصايم فرضا وغير فرض أن يبيت الصيام من الليل لما يريد به وجائز أن يبتدء بالنية وقد بقي بعض النهار ويحتسب به من واجب إذا لم يكن أحدث ما ينقض الصيام ولو جعله تطوعا كان أحوط ويظهر ما ذكرنا من قوله ويحتسب وقوله ولو جعله تطوعا كان أحوط وإن أمكن بتكلف توجيهه على العموم أيضا كما لا يخفى ويدل عليه أيضا الأخبار الدالة على تحديد وقت النية بالزوال كما سيأتي وللمناقشة فيه مجال وأما عدم الصحة لو أخرها عن التذكر عامدا فدليله ما سبق في تأخير العالم العامد عن الفجر (وكذا الجاهل بوجوب ذلك اليوم) هذا حكم المعذور بالجهل في الواجب المعين كيوم الشك إذا لم يثبت الهلال في الليل ويثبت في النهار فإنه ينوى عند الثبوت فورا ويصح صومه إذا لم يكن أحدث ما ينقض الصيام إن كان ذلك إلى الزوال وإن كان بعده فيجب عليه الامساك ولكن لا يصحح صومه ولا يسقط عند القضاء كما ذكرنا في الناسي ويدل عليه بخصوصه ما روى إن ليلة الشك أصبح الناس فجاء اعرابي إلى النبي صلى الله عليه وآله فشهد برؤية الهلال فأمر النبي صلى الله عليه وآله مناديا ينادى من لم يأكل فليصم ومن أكل فليمسك وهذا الخبر وإن ضعف سندا أو متنا لكن يؤيد ما مهدناه في الناسي وأما التحديد بالزوال فوجه فأذكرناه وأطلق ابن الجنيد فقال وإن أصبح يوم الشك غير معتقد لصيام فعلم أنه من رمضان فصام معتقدا لذلك أجزء عنه وقال في المختلف بناؤه على أصله من جواز تجديد النية بعد الزوال وكون أصله ذلك في الواجب المعين لا يظهر صريحا من كلامه كما عرفت ولا ظهور لهذا الاطلاق أيضا في عدم التحديد لان لفظ أصبح وتفريع فعلم عليه لا يخلو عن دلالة على قبل الزوال (أو من تجدد له العزم على صومه غير معين زمانه كالقضاء) المشهور بين الأصحاب إن وقت النية في الواجب الغير المعين كالقضاء والنذور المطلقة يمتد إلى الزوال من غير عذر والدليل عليه ما رواه الكليني في الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي الحسن (عليه السلام) في الرجل يبدو له بعد ما يصبح ويرتفع النهار في صوم ذلك اليوم ليقضيه من شهر رمضان وإن لم يكن نوى ذلك من الليل قال نعم ليصمه وليعتد به إذا لم يكن أحدث شيئا وما رواه الشيخ عنه أيضا في الصحيح قال وسئلته عن الرجل يبدو له بعد ما يصبح ويرتفع النهار يصوم ذلك اليوم ويقضيه من رمضان وإن لم يكن نوى ذلك من الليل قال نعم يصومه ويعتد به إذا لم يحدث شيئا وعن هشام بن سالم في الصحيح عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال قلت له الرجل يصبح ولا ينوى الصوم فإذا تعالى النهار حدث له رأى في الصوم فقال إن هو نوى الصوم قبل أن تزول الشمس حسب له يومه وإن نواه بعد الزوال حسب له من الوقت الذي نوى وما رواه الكليني عن الحلبي في الحسن بن إبراهيم بن هاشم عن أبي عبد الله (عليه السلام) في تتمة خبر قلت فإن رجلا أراد أن يصوم ارتفاع النهار يصوم قال نعم وما رواه الشيخ عن عمار الساباطي عن أبي عبد الله (عليه السلام) في الرجل يكون عليه أيام من شهر رمضان يريد أن يقضيها متى ينوى الصيام قال هو بالخيار إلى زوال الشمس فإذا زالت فإن كان قد نوى الصوم فليصم وإن كان نوى الافطار فليفطر سئل فإن كان نوى الافطار يستقيم أن ينوى الصيام بعد ما زالت الشمس قال لا وما رواه ابن بكير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سئل عن رجل طلعت عليه الشمس وهو جنب ثم أراد الصيام بعد ما اغتسل ومضى ما مضى من النهار قال يصوم إن شاء وهو بالخيار إلى نصف النهار واعلم إن المخالف في هذه المسألة ابن الجنيد حيث يقول بجواز تجديد النية بعد الزوال أيضا على ما يقتضيه إطلاق كلامه كما نقلنا فكان أصل جواز أحداث النية في النهار مما ليس فيه خلاف إلا في ظاهر كلام المفيد حيث قال فيجب لمكلف الصيام أن يعتقده قبل دخول وقته تقربا إلى الله تعالى بذلك ويحتمل أن يكون كلامه في الواجب المعين في ظاهر كلام ابن أبي عقيل أيضا إن حمل الخطأ فيه على النسيان كما عرفت فالعمدة في المذهب المشهور بيان إن حد الزوال وما رواه عبد الرحمن لا يدل إلا على جواز التجديد قبل الزوال وأما على المنع بعده فلا والظاهر أن المراد بالصوم في صحيحة هشام الصوم المستحب فيخرج عما نحن فيه وعلى تقدير العموم لا منع فيها عن التجديد بعد الزوال لكن يمكن أن يقال إن قوله (عليه السلام) وإن نواه بعد الزوال حسب له من الوقت
(٣٤٩)