الدلالة والثبوت، وهي أصول الاعتقاد وليست محتاجة لأحاديث آحاد وهذه هي أصل الدعوة التي كانت تصل إلى البلدان والنواحي بطريق الاستفاضة والتواتر، وكان رسول الله إذا بعث رسله إلى النواحي والأقطار بعثهم ليشرحوا لهم أحكام الإسلام التي وصلت إليهم بطريق التواتر والاستفاضة مجملة، على أننا لا نسلم البتة بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرسل إلى النواحي رجلا واحدا فتصل إلى أهل تلك النواحي الأحكام والعقائد بطريق هذا الواحد وبذلك لا يصح لهذا القائل الاستدلال على أن العقائد يؤخذ بها بخبر الواحد.
ونوضح فنقول: إعلم إن أحكام الإسلام كانت تصل إليهم بطريق التواتر وإليك بعض ذلك، أول ما بعث صلى الله عليه وسلم واستفاض أمره استفاض أيضا أصل ما يدعو إليه، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يلتقي في الموسم عند حج العرب إلى مكة مع أفراد كل قبيلة تحج فيدعوهم إلى ما أمره الله تعالى به من أصول التوحيد الذي بعث به، وبقي صلى الله عليه وسلم يبلغهم مدة إقامته في مكة وهي الثلاث عشرة سنة قبل أن يهاجر، وهذا مما يجعل أصول دعوته في التوحيد تنتشر عنه إلى النواحي وقبائل العرب بعدد التواتر لا محالة، لأن كل قبيلة من قبائل العرب لا يتصور أن يفد ويحج منها أقل من عشرة أنفس.
ثم لما هاجر عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم استفاض الأمر أكثر وانتشر بين القبائل وفي البلدان وذاع أصل ما يدعو إليه أكثر وأكثر، وأوسع وأبلغ وأشهر، وكانت الوفود من قبائل العرب ترد عليه وفيهم أهل التواتر بلا مثنوية وإليك أمثله على بعض ذلك معزوة موثقة:
1) قوم مسيلمة الكذاب قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم وكانوا وفدا كبيرا واجتمعوا به صلى الله عليه وسلم ونقلوا ما أخذوه عنه صلى الله عليه وسلم إلى قومهم نقل أهل التواتر، روى البخاري